
لم يكن الأول، ولن يكون الأخير، ذلك التصرف غير المسؤول الذي قام به أحد الضباط الخريجين في العرض العسكري لحفل التخرج الذي رعاه صاحب السمو لضباط الجيش والحرس الوطني، عندما تجرأ وأخرج هاتفه النقال ليصور نفسه صورة سيلفي أثناء طابور العرض أمام المنصة الرئيسية، الأمر الذي جعله يخطئ في المسير ويربك زملاءه، ما لفت الأنظار إلى هذا الخطأ الجسيم الذي صورته الكاميرات وأحرج القيادة العسكرية. وحسنا فعل نائب رئيس الحرس الوطني الشيخ مشعل الأحمد حين استدعى الطالب الخريج المنتمي إلى الحرس، وأحاله للتحقيق الذي أثبت خطأه الكبير، فأمر بحجزه، وهناك أخبار عن فصله من الخدمة لتجرؤه على المخالفة في هذا الظرف وبوجود صاحب السمو وكبار المسؤولين والشيوخ، وقد رصدت الكاميرات ما قام به. وأرى أن الفصل من الخدمة جزاء يستحقه جراء ما قام به.
التصرف الذي قام به الضابط أصبح مألوفا في كل مكان، وكثيرا ما نرى في المناسبات الرسمية وبوجود مسؤولين كيف يخرج بعض الموظفين أو الضيوف لالتقاط الصور الشخصية، في ظاهرة صارت مألوفة ومعهودة، وأصبح الوزير أو المسؤول في أي فعالية أو مؤتمر محرجا ومرغما على الاستجابة، عندما يقترب منه موظف أو موظفة طالبا صورة سيلفي، وصار من غير الاعتيادي أن تمر أي مناسبة دون أن نرى تلك المظاهر، ما يحتم إيجاد آلية توقف هذا الانجراف غير الصحي في التقليد الأعمى الذي اتخذ عندنا منحى سيئا في استخدام هذه التقنية التي أوجدتها التكنولوجيا.
هذا في الجانب الذي قد يعتبره البعض إيجابيا أو مألوفا، ولكن ماذا عن الجانب السلبي، وما انتشر من صور ولقطات «سيلفي» أو فيديو خاص انتشر في مواقع التواصل انتشار النار في الهشيم، من مثل لقطات «قفز الأرنب» و«بنات الجامعة» وغيرها من المظاهر غير الأخلاقية التي تعبر عن سلوكيات وتربية منحرفة، فلم ترض البنات اللاتي نشرن اللقطات أن تبقى خاصة بهن، بل تم تعميمها لنشر الفساد والانحلال، الأمر الذي يضيف سببا آخر لإيجاد وسيلة تقنن هذه الظاهرة وتضع حدا لها، وليس أقل من فرض عقوبات على من يتجرأ للقيام بالتصوير «السيلفي» في المناسبات الرسمية التي يتواجد فيها مسؤولون وقيادات سياسية، حفاظا على الوجه الرسمي الناصع للكويت، فلم نر خلال كل المؤتمرات الرسمية الخارجية، عربيا ودوليا، أن يقوم بعض الحاضرين من صغار الموظفين أو حتى كبارهم من يقوم بهذا العمل، وأما ناشرو وناشرات المقاطع غير الأخلاقية فليس أقل من اتخاذ إجراءات قانونية يحال المتورطون إلى القضاء لنيل جزائهم الذي يستحقون حفاظا على قيم وأخلاق البلاد وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، وألا يكون التذرع بـ«الرحية الشخصية» وسيلة للتخلص من تبعات تصرفهم.
****
الاستجواب البرلماني الجماعي للحكومة في جلسة مجلس الأمة الخميس الماضي التي سجلت رقما قياسيا في الوقت، باستمرارها 11 ساعة متواصلة، وخصصت لمناقشة كل وزير بملاحظات ديوان المحاسبة على وزارته، ومشاريع الوزارة التنموية ومدى ما تحقق منها، نقول إن هذا الاستجواب عكس نهجا جديدا في الرقابة البرلمانية التي أثبتت نجاعة ملحوظة بعيدا عن التأزيم والتهديد بالاستجوابات، وإن كنا مازلنا في دوامة بعض الأجندات التي تنفذها بعض الجهات، وآخرها أن 11 نائبا أقسموا على استجواب أحد الوزراء وطرح الثقة فيه، قبل تحديد محاور الاستجواب وما فيه من إدانات للوزير بمخالفات وتجاوزات.
نأمل أن ترتقي الممارسة البرلمانية إلى مستوى ما شهدته جلسة الخميس الماضي، وأن يضع النواب ممن يهددون بالاستجواب المصلحة العامة نصب أعينهم في الممارسة الرقابية وما ينوون القيام به.