
الزخم الذي أخذته حملة وزارة الداخلية لجمع السلاح غير المرخص من أيدي المواطنين تنفيذاً للقانون الذي أقره مجلس الأمة، والذي تابعنا تفاصيله عبر الحملة الإعلامية الموازية التي قامت بها الوزارة عبر الصحف ووسائل الإعلام المختلفة، حتى وصل إلى منابر المساجد في خطبة يوم الجمعة الماضي، هذا الزخم لا شك أنه أمر إيجابي، في ظل ما تابعناه من مبادرات لشخصيات عامة ومسؤولين لتسليم ما لديهم من سلاح، ولكن هذه المبادرة، من وجهة نظرنا تأخرت كثيرا.
فالجميع يعلم أن السلاح انتشر بين الناس انتشاراً مريعاً في أعقاب الغزو العراقي الغاشم، استغلالاً للوضع الأمني الذي خلفه الغزو، وما رافق ذلك من ترك الغزاة أعداداً هائلة من قطع الأسلحة وقعت كلها بيد الناس التي أخذتها وضمتها إلى ممتلكاتها وكأنها حاجيات أساسية، حتى تابعنا على امتداد ربع قرن حوادث مؤسفة من قتل ــ خطأ ومتعمد ــ هذا غير الاستخدام الخاطئ لتلك الأسلحة في المناسبات.
وهذه الخطوة كان حريا بالدولة أن تقوم بها فور عودة الأمور إلى نصابها بعد الغزو، وبعد استتباب الأمن وعودة السلطة السياسية والأمنية لممارسة مهامها، تحقيقاً للاستقرار ولإشعار المواطن والمقيم بأن الوضع لم يعد يختلف عما قبل الغزو، ولكن أن نصمت 24 سنة، حتى تعاظمت القضية وأصبحت تشكل هاجساً أمنياً، فهذا غير مبرر، ولاسيما أننا جميعا شاهدنا بعض الاستعراضات المسلحة عبر مواقع التواصل والتي تشكل في صورة أو أخرى تهديداً أمنياً خطيراً، وخاصة في ظل الظروف الحساسة التي تمر بها منطقتنا والتي توجب اتخاذ أعلى درجات الحيطة والحذر، والعمل على منع أي شخص مهما كانت مبررات تصرفه من حيازة السلاح.
لا شك أن الكويت شهدت خلال ربع القرن الذي أعقب التحرير من الغزو العراقي الغاشم عدداً من الأحداث كانت بمثابة صافرات الإنذار لواقع يجب أن يؤخذ على درجة عالية من الجدية والحزم، ولكن التساهل الحكومي أوصلنا إلى مرحلة مواجهة من خلايا تحركت للقاعدة في بلادنا، وجرت بينها وبين قوات الأمن مواجهات سقط فيها عدد من رجال الأمن حتى تم القضاء عليها.
ثم تحدثت أخبار عن خلايا في الكويت تجري تدريبات عسكرية لها في بر الكويت، ولكن هذا الأمر لم يثبت في حقيقة الأمر أو أن الحكومة تعاملت مع القضية بسرية واتخذت إجراءاتها بعيداً عن الضوضاء والصخب الإعلامي، أو أنها «طنشت» طالما أن الأمر مجرد أقوال مرسلة تداولتها بعض المواقع الإخبارية، وهو ما لا نرجوه.
وهنا نود الإشارة إلى ما تسرب كذلك عن وجود خلايا نائمة للحرس الثوري الإيراني في الكويت تتخذ من الأعمال المدنية قناعاً تتخفى وراءه، وهو ما يعتبر أكثر تهديداً للبلاد في ظل الوضع الأخطبوطي لإيران التي أخذت تمدد أذرعها شرقاً وغرباً وشمالاً فوصلت إلى دمشق وبيروت، وفرضت وصايتها على بغداد، وها هي تستولي على صنعاء، فهل بعد كل هذا من خطر؟!
نؤكد أن قانون جمع السلاح ضروري ومهم لمصلحة البلاد وحفاظاً على أمنها، والحملة التي تنفذها وزارة الداخلية ضرورية كذلك لإعطاء مهلة لمن لديه سلاح حتى يبادر بتسليمه، ولكن الكلام لما بعد انتهاء المهلة في شأن من لن يسلم سلاحه وسيحتفظ به في بيته، ليس لاستخدامه في الأفراح للتعبير عن البهجة، بل انتظاراً لأمر يأتيه من الخارج كي يخرجه ويخرج به للشارع، مستبيحاً ما يقف أمامه، وهذا الخطر الحقيقي الذي يتهددنا بغض النظر عن الجهة التي ينتمي إليها ذلك الإنسان.
فليعمل القائمون على الأمر في وزارة الداخلية للتخطيط لما بعد مهلة الشهور الأربعة التي أعطيت لتسليم السلاح، وليبحثوا عن وسائل يستطيعون من خلالها الوصول إلى السلاح المخبأ وكشفه وكشف نوايا المحتفظين به ومن يقف وراءهم، وهذا ما نرجوه ونتطلع إليه.