آراءمحلي

العصيدان :«ديرة» تغرق في شبر ماء ونصف ساعة بلا كهرباء!

د.حمد العصيدان :العصيدان

لا شك أن ما كشف عنه انقطاع التيار الكهربائي الأسبوع الماضي لخلل أصاب محطة الصبية لتوليد الكهرباء، يدل بما لا يدع مجالا للشك أن ديرتنا غير قادرة على التعامل مع أبسط المشكلات الطارئة التي تعترضها، في غياب الخطط البديلة التي طالما تغنى بها المسؤولون الذين أعلنوا أن جميع أجهزة الدولة في الوزارات والهيئات جاهزة للتعامل مع الطوارئ، وخاصة أننا نتابع كل أسبوع أو شهر تدريبات على خطط الطوارئ، ولكن يبدو أن ذلك على الورق فقط وفي أوقات الرخاء.

أما إذا وقعت الواقعة فليس لها رجال تقيل عثرتها، وتتعامل معها وفق خطة الطوارئ، فما أن انقطع التيار الكهربائي مساء الأربعاء الماضي، حتى توقفت الطرق من الزحام وخاصة عند التقاطعات التي توقفت فيها إشارات المرور، هذا عدا عدم قدرة المواطن على تحمل غياب الكهرباء لدقائق، في وقت معتدل الطقس ومثالي، فأغرق غرفة عمليات وزارة الداخلية بلاغات من كل صنف ونوع، ثم أخذت مواقع التواصل الاجتماعي تعج برسائل «التطنز» والتنظير، وكأن المواطن ليس له دور في مثل هذه الأمور، تماما مثلما لو أنه كان في مطعم ويريد من «الجرسون» أن يؤمن له كل مطالبه فورا ودون تباطؤ، فهل هذه ثقافة المواطنة التي زرعت في نفسه؟، وأين واجبه الوطني تجاه ما حدث؟ فبدل مئات الآلاف من المشاركات الساخرة عبر أثير الشبكة العنكبوتية، كان حري بالشباب على وجه التحديد أن يبحث عن دور له في هذا الوضع الطارئ، كما فعلت القلة القليلة، حيث ذكرت وسائل الإعلام ان عددا من الشباب نزلوا إلى إشارات المرور وعملوا على تنظيم السير.

نعود لطوارئ الدولة، ولاسيما في أكثر جوانب الأمن الوطني حساسية، ونقصد فيه التيار الكهربائي، فماذا لو مثل ما حدث يوم الأربعاء وقع في ظهيرة أحد أيام يوليو أو أغسطس، حيث درجات الحرارة في الكويت تسجل أرقاما قياسية لا تسجلها في أي مكان على وجه الكرة الأرضية؟ ففي ذلك الوقت يمكن أن يكون للثواني أهمية في إنقاذ روح أو تدارك مصيبة، ولاسيما إذا أصاب القطع الكهربائي أماكن حساسة كالمستشفيات أو مراكز الرعاية، أو حتى مرافق بعض الجهات الحكومية، هذا عدا التأثير على المناطق السكنية!

فالحمد لله أن الأمر وقع في شهر فبراير وفي فترة المساء حتى يتبين للمسؤولين هشاشة خطط الطوارئ، ويقرع جرس الإنذار لعلهم يتداركون ما كشفته حادثة انقطاع التيار من تقصير من جهة، ومن ضعف الإجراءات الاحتياطية من جهة أخرى لعلنا نعمل على الاستعداد لما هو أسوأ لا سمح الله.

الحادثة ذكرتني بحادثة سابقة، ربطتها بتصريحات سمعناها في أواخر العام الماضي، فمنذ سنوات هطلت الأمطار لأقل من نصف ساعة فغرقت الكويت وتوقفت الحركة وفاضت خطوط صرف المياه، فكان مانشيت إحدى الصحف اليومية طريفا عندما قالت «الكويت تغرق في شبر ماء»، فكيف كان حالنا لو صدقت توقعات رجال الأرصاد الجوية الذين توقعوا أن تشهد الكويت هذا الشتاء أمطارا لم تشهدها منذ عشرات السنين، فكانت تصريحات المسؤولين في كل قطاعات الدولة أن أجهزتهم جاهزة للتعامل مع الحدث إذا وقع، فهل نحمد الله أنه لم يقع؟، وإلا فإن فرق إنقاذ الدول الشقيقة المجاورة كانت قد عملت على إنقاذنا من عرض الخليج بعد أن تكون الأمطار قد جرفتنا مع أمتعتنا إليه؟!

خلاصة القول إن طوارئنا مجرد كلام وتصريحات صحافية، تنكشف مع أول اختبار حقيقي، ونحمد الله أن الاختبارات التي نتعرض لها تأتي بسيطة ونتائجها ليست كارثية، فيا أيها المسؤولون أعيدوا النظر في خططكم، وقفوا على حقيقة استعداد جهاتكم بشكل واقعي صحيح، قبل أن تقع «الفاس بالراس»، ونقول «يا ليت اللي جرى ماكان»!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى