العقل طريق السعادة

من سار مع العقل وخالف طريق الهوى ونظر إلى العواقب أمكنه أن يتمتع من الدنيا أضعاف ما تمتع من استعمل الشهوات. فأما المستعجل فيفوت نفسه حظ الدنيا والذكر الجميل، ويكون ذلك سبباً لفوات مراده من اللذات.
وبيان هذا من وجهين: أحدهما: إن مال إلى شهوات النكاح وأكثر منها قل التذاذه وفنيت حرارته وكان ذلك سبباً في عدم مطلوبه منها.
ومن استعمل ذلك بمقدار ما يجيزه العقل ويحتمله كان التذاذه أكثر، لبعد ما بين الجماعين، وأمكنه التردد لبقاء الحرارة.
وكذلك من غش في معاملته أو خان، فإنه لا يعامل فيفوته ربح المعاملة الدائمة لخيانته مرة.
ولو عرف بالثقة دامت معاملة الناس له فزاد ربحه.
والثاني: أنه من اتقى الله وتشاغل بالعلم أو تحقيق الزهد، فتح له من المباحات ما يلتذ به كثيراً.
ومن تقاعد به الكسل عن العلم أو الهوى عن تحقيق الزهد لم يحصل له إلا اليسير من مراده.
قال عز وجل: ” وَأًنْ لَوِ اسْتقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَاءً غَدَقاً ” .