

ذعار الرشيدي:
جرت النكتة على أن من يعادي الليبراليين يسميهم بتعمد خطأ في النطق بـ «الريبراريين»، ورغم عدم المعرفة بالنطق السليم ناهيك عن أن يعرف دلالة المصطلح إلا أن البعض من جماعة معاداة الليبرالية يرون في معتنقي هذا المذهب السياسي شرا مستطيرا، بل ويفسرون برؤية خاطئة أن الليبراليين دعاة تحرر بل دعاة انسلاخ، وهذا أمر لا علاقة له بالواقع النظري أو التفسيري لهذا المصطلح السياسي الدارج في دول الأرض كافة، غير أنه لدينا ولأننا نحب أن تفسر المصطلحات طبقا لرؤيتنا القاصرة نضع فيهم ما ليس فيهم.
الليبراليون عامة كفكر سياسي خالص هم اتباع مذهب سياسي، وليسوا دعاة تحرر أو انحلال.
ولنأخذ الأمر بشيء من العرض لتلك الفلسفة السياسية المثيرة للجدل في معظم الدول العربية، وهي أن الليبرالية تقوم على الدعوة لدستورية الدولة والديموقراطية، والانتخابات الحرة النزيهة وحقوق الإنسان وحرية الاعتقاد وهذه أمور تكفلها معظم دساتير الدول العربية وتقوم عليها، الأهم أن الليبرالية في البلدان العربية لا من لبسوا رداءها طبقوها بشكل صحيح ولا من هاجمها هاجمها عن وعي بحجم فكرها.
أقصد بالمجمل أنه لم تولد ليبرالية حقيقية في أي بلد عربي إلا من بعض الأشخاص، ففي الكويت مثلا الليبرالية كانت الغطاء المناسب كفكر سياسي لبعض التجمعات السياسية وإن تعاملت معها وفق مصالح سياسية، أعني ارتدوا رداء الليبرالية شكلا، أما جوهرا فلم يكن أي منهم ليبراليا بالمعنى الحقيقي إلا ما ندر، البقية انشغلوا في صراعات مع الإسلاميين وكأن الليبرالية صراع مع الإسلاميين سياسيين وغير سياسيين، وهذا الأمر غير صحيح، فالليبرالية منهج فكري تقوم عليه أغلب الدساتير العربية وهي الدساتير التي بموجبها دخلت جماعة الإسلام السياسي الانتخابات، لذا كان ولايزال هناك فهم ناقص لليبرالية في الكويت وغيرها من البلدان العربية، حتى أنه في بعض الدول العربية تتم مهاجمة من يدعو للديموقراطية ويتهم بأنه ليبرالي «منحل» رغم أن الليبرالية كفكر سياسي لا علاقة لها بالانحلال.
المهم أن الليبرالية شأنها شأن أي فكر سياسي تم استغلالها من قبل البعض من أجل مصالح سياسية ولم يعتنقها أحد كفكر سياسي صرف، لذا سقطت الليبرالية تحت وطأة استغلال تجار السياسة من كل الأطراف.