![](https://hmak.org/main/wp-content/uploads/2015/10/CCFiHG2WIAE6Oxp.jpg)
محمد رشيد العويد:أخبرني أن خلافات نشأت بينه وبين زوجته ؛ وأن هذه الخلافات تطورت إلى نزاع أدى إلى فراقهما ؛ فهي الآن في بيت أهلها تريد الطلاق وهو حائر في أمره لا يدري ماذا يفعل .سألتُه بعض الأسئلة التي أحطتُ من إجاباته عليها بطبيعة خلافاته مع زوجته ، فوجدت أنها مثل كثير من الخلافات الزوجية الناشئة عن عدم فهم كل من الزوجين طبيعة الآخر .هذه الخلافات تزداد بمناقشة الرجل زوجته مناقشة عقلية صرفاً ، مناقشة قائمة على المنطق ، مجردة من العاطفة .عدم فهم الرجل طبيعة المرأة العاطفية يؤدي إلى إخفاقه في إقناعها ؛ على الرغم من الحجج والبراهين التي يسوقها لإفحامها وبيان أنها ليست على حق .وكذلك عدم فهم المرأة طبيعة الرجل العقلانية يمنعها من كسبه واستمالته .لكني أُحمِّل الرجل مسؤولية أكبر في عدم نجاحه في محاورة زوجته بسبب عدم فهمه طبيعتها .أعود إلى الرجل الذي بدأت الحديث عنه وما أخبرني به عن خلافاته مع زوجته التي أوصلته إلى نزاع جعلها تطلب الطلاق .قال لي : لقد اتفقت معها على لقائها لنبحث في وضعنا ، هي تريد الطلاق وأنا لا أريده ، ولكنني حائر لا أعرف كيف أنجح في صرفها عن طلب الطلاق !
قلت له : احرص أولاً ، وقبل لقائك بها ، على الدعاء ، ادع الله تعالى أن يفتح لك لتقول الكلام الذي يصرفها عن طلبها .
قال : وبعد ذلك .
قلت : قبل أن تلتقيا أبعد عقلك عنك ، وأغلق الباب أمام ما تعلمته من منطق !
قال مستنكراً : ماذا تقول ؟ كيف أقنعها إذا أبعدت عقلي ومنطقي ؟!!
قلت : لن تقنعها إذا استخدمت عقلك ومنطقك ، بل ستزيد الخلاف حدة ، وتقوِّي رغبتها في طلب الطلاق .
قال : ماذا آخذ معي إذن إذا تركت عقلي وأبعدت منطقي ؟!
قلت : تأخذ معك عاطفتك .. فبها تقنع زوجتك وتصرفها عن طلب الطلاق .
ردَّ في دهشة : وماذا تفعل العاطفة إذا غاب العقل ؟
قلت : أما سمعت وقرأت عن الذكاء العاطفي ؟
قال : للعاطفة ذكاء ؟
قلت : وذكاؤها أقوى من ذكاء العقل !!
قال : وكيف أستخدم هذا الذكاء العاطفي في لقائي بزوجتي ؟
قلت : أول شيء تفعله هو تبسمك في وجهها .
قال : كيف أبتسم في وجهها وقد قالت عني ما قالت ؟!
قلت : عدت لعقلك وفتحت الباب أمام المنطق الذي دعوتُك لإغلاقه قبل لقائك بزوجتك .
قال : ماذا تعني ؟
قلت : إبعادك عقلك وحبسك منطقك سيجعلانك تبتسم في وجهها . ولا تنسَ الذكاء العاطفي الذي جعلته مكان الذكاء العقلي ، فهذا الذكاء سيسهل لك الابتسام في وجهها .
قل : فهمت الآن ما تريدني أن أفعله .
قلت : بارك الله فيك .
قال : وبعد أن أبتسم في وجهها .
قلت : تقول لها ( أهلاً حبيبتي .. لقد اشتقت لك كثيراً ) .
قال : لم أكن أنوي البدء بهذا … كنت أعد مجموعة من الردود على ما قالته عني واتهمتني به .
قلت : لو فعلت هذا لدخلت معها في جدال تزيد به إصرارها على طلب الطلاق .
قال : ماذا أفعل بعد ذلك ؟
قلت : تأخذ بيدها في عطف وحنو ومودة وأنت تقول لها : طوال بعدك عني وأنا في همٍّ وضيق وقلق … وأحسب أنك مثلي … وهذا يعني أننا خسرنا معاً … ولم يربح ويفرح إلا … وتوقف هنا لحظات قليلة ثم اسألها : هل تعرفين من ربح وفرح بخلافاتنا ؟ والأرجح أنها ستجيبك بقولها : الشيطان . وعندها قل لها : إذن دعينا نغلب الشيطان ونرجع إلى بيتنا ونفتح صفحة جديدة .
قال : هذا كلام جميل ومؤثر .. وأتوقع أن تتلقاه بفرح ورضا وسرور … ولا شك في أنه خير من المواجهة التي كنتُ أحضِّر لها … ولكنها مع هذا كله قد تضع شروطاً وطلبات لتحقيقها لها قبل موافقتها على الرجوع إليَّ ؟!
قلت : هذا ممكن .. ومحتمل ، ولكن عليـك أن تواصل إبعاد عقلك الذي قد يجعلك ترد عليها بقولك : ( أنا أقول لك حبيبتي ، ومشتاق إليك ، ودعينا نفتح صفحة جديدة ؛ وأنت تضعين شروطاً وطلبات ؟!! ) إذا رددت بهذا الرد فقد هدمتَ ما بنيته بذكائك العاطفي .
قال : كيف أفعل إذن ؟ وماذا أقول إذا واجهتني بشروطها وطلباتها ؟!
قلت : واصل استخدام ذكائك العاطفي وقل لها : كل طلب يرضاه الشرع ، وأقدر على تحقيقه ، على رأسي ، ومن عيني هذه قبل هذه .
قال في شيء من الضيق : ولكني هكذا ألزم نفسي بأشياء قد لا أستطيع تحقيقها لها ؟! أو أشياء ليس لها حق فيها ؟
قلت : أنت بكلامك هذا لها لم تعدها بتحقيق إلا الطلبات التي يرضاها الشرع وتستطيع تحقيقها … وهذا ما ينبغي أن يفعله كل رجل لامرأته .
قال : وإذا أصرت على عرض طلباتها وبيان شروطها قبل أن تعود معي إلى البيت ؟
قلت : أخبرها أن الوقت الآن غير مناسب وقل لها : نحن اتفقنا على أن الشيطان هو الرابح بخلافنا ونزاعنا وافتراقنا . فدعينا نغلبه أولاً ، ونبعده عنا ، ونرجع إلى بيتنا ، وهناك نبحث في كل شيء .
قال : وإذا عدنا إلى بيتنا .. هل نبحث في طلباتها ؟
قلت : لا تستعجل ذلك .
قال : وإذا استعجلت هي ؟
قلت : أجِّلها بلطف ومودة .. وقل لها : إن المهم الآن استرجاع المودة والرحمة بيننا .
قال : وكيف نسترجع المودة والرحمة ؟
قلت : بإغلاق باب الجدال نهائياً ، وهذا ما أمر به النبيﷺ ، ثم بإسماعها عبارات الحب والثناء ، وشراء بعض ما تشتهيه من حاجات ، والتوقف عن لومها وتوجيه الأوامر لها … فإنك إن فعلت ذلك تستعيد المودة والرحمة وقد تتخلى هي عن مطالبها وشروطها .
قال : وإذا طالبت بها وأصرت عليها .
قلت : ابحث معها فيها ، وحقق لها ما هـو من حقوقها ، واعتذر عما يخالف الشرع من طلباتها ، وما لا تقدر على تحقيقه لها .
ابتسم وقال : الله يجزيك الخير .
قلت : ويجزيك الخير أيضاً على استشارتك وحرصك على أن تعرف كيف تعامل زوجتك .