آراءمحلي

العيدان :خوصصة التعاونيات

م. ناصر بدر العيدان

ناصر-بدر-العيدانالخصصة، أو «الخوصصة» بلهجة أهل المغرب العربي، هي أحد الأساليب التي يرى فيها البنك الدولي إصلاحاً لاقتصاد الدول، فأحياناً يشترط البنك الدولي قيام الدولة بتوسيع نطاق «الخوصصة» كشرط للحصول على دعم مالي واستشاري من البنك. والكلام عن الخوصصة لا يجب أن يكون محل شك إذا ما تمت صياغته على النحو الذي يحفظ حقوق المواطنين. فالخوصصة لها أشكال عدة، فهناك خوصصة جزئية وخوصصة كاملة، وهناك خوصصة موقتة وخوصصة دائمة. فعلام رفض الخوصصة إذا كانت في صالح الاقتصاد العام للدولة، وتحسين معيشة المواطن وحفظ حقوقه مالياً وإدارياً، وإذا كانت ترفع من كفاءة الخدمة؟

عكّر هذا الحديث مزاج المواطن اخيراً، بعد إعلان نية الحكومة خوصصة الجمعيات التعاونية، ولم توضح الحكومة تفاصيل هذه الخوصصة، لكن بعض التعاونيين، كما شاهدناهم في رفضهم لقانون الصوت الواحد، يتسابقون إلى معارضة كل ما من شأنه أن يمس عمل الجمعيات التعاونية. ورغم أن قانون الصوت الواحد أثبت نجاحه نسبياً، فأنا لا أجد أي مبرر لمعارضة أي فكرة تعاونية تقدمها الوزارة قبل ان تكتمل وترتسم ملامحها. فالمعارضة على مبدأ «ولا تقربوا الصلاة» أصبحت مكررة وفارغة، وشاهدناها في معارضة قانون التعاون الجديد وكيف أثبت التطبيق أن القانون كان في صالح العمل التعاوني، وأن بعض المعارضين كانت أهدافهم انتخابية بحتة.

وزارة الشؤون فاشلة في مراقبة آداء الجمعيات، ومجالس الإدارات المنتخبة تتشكل على أسس مناطقية قبائلية طائفية لا تخدم العمل التعاوني ولا ترتقي به، بل وأساءت للتجربة التعاونية الفريدة في المنطقة، ولكن بالمقابل، عجز وزارة الشؤون عن الرقابة لا يجب أن يتحمله المساهم بأن تخوصص حقوقه ومساهماته.

أولاً يجب أن تحدد الحكومة رأس القصور والسبب لا النتيجة، ومن تجربتي التعاونية أرى أن الأصل هو قصور الدور الرقابي في وزارة الشؤون، فأثره السلبي على العمل التعاوني أكبر من فساد مجالس الإدارات، لأنه لولا تهاون الأول في تطبيق القانون، لما تمادى الأخير، ومن أمن العقوبة أساء الأدب.

ومن هذه الرؤية، ولمن يفكر في الخوصصة كحل، أنا أؤيد خوصصة الرقابة المالية والادارية على الجمعيات ولا أؤيد خوصصة حقوق وأصول المساهمين، على أمل أن يقوّم الإصلاح الرقابي، الفساد الحاصل في الجمعيات، ومراهناً في الوقت نفسه على وعي المساهمين في اختيار الأصلح لإدارة الجمعيات مستقبلاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى