

شملان العيسى:
تنشر الصحف المحلية الخليجية بين الحين والآخر اخبار انضمام مجاهدات سعوديات وكويتيات إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) فقد نشرت جريدة «الوطن» – الخميس 30 أكتوبر خبراً عن كويتيات انتحاريات يقاتلن مع داعش، وأوضحت الصحيفة بأن هناك 200 امرأة في كتيبة الخنساء التابعة لتنظيم داعش في محافظة الرقة السورية ومن بينهن 3 كويتيات.. وتتلخص وظيفة الانتحاريات إلى جانب مشاركتهن في القتال في توفير الدعم اللوجستي ونقل الذخيرة والسلاح.
لماذا تقبل المرأة الخليجية الانخراط في العمل الجهادي وتلحق بزوجها الانتحاري ولا تفكر في حياتها وحياة أطفالها وأسرتها وتعرض وطنها ومجتمعها للخطر؟
هناك أسباب كثيرة تدفع المرأة للعمل الجهادي.. أهمها ان كل الجماعات الجهادية أفرادها ليس لديهم رغبة حقيقية في استمرار الحياة وقد تعود الأسباب لاعتبارات نفسية أو اجتماعية أو ثقافية لكن لديهم اقتناعا راسخا بأن العمل الجهادي وقتل النفس وقتل الناس الأبرياء سوف يدخلهم الجنة وهم مقتنعون بأن الحياة في الدنيا هي مرحلة انتقالية والحياة الأبدية هي في جنة الخلد.. وهذا ينطبق على الرجال والنساء على حد سواء.
ثانيا: المرأة الخليجية بشكل عام وخاصة النساء المنخرطات في تنظيمات الإسلام السياسي الجهادي لا توجد لديهن استقلالية في التفكير بعيداً عن الأوامر الحزبية الصارمة التي تفرضها عليهن قياداتهن الحزبية، فالانضباط الحزبي الهرمي يتطلب التنفيذ بدون مناقشة أو جدل.
ثالثا: تقديس والتزام المرأة الخليجية بالأعمال التطوعية وخصوصا الأعمال الخيرية الإسلامية، فالعمل الخيري كرس النظرة الدائمة والسائدة للمرأة كأم وكمصدر للعطاء والحنان والرعاية وهذا يعني توسيع دورها الأسري ومده لخدمة المجتمع.. لذا شكل العمل الخيري أداة وصل مقبولة مجتمعياً بين المجال الخاص بالمرأة والمجال العام دون أي تهديد للبيئة المجتمعية السائدة التي ترسخ دونية المرأة..
رابعاً: هيمنة تيارات الإسلام السياسي على معظم مؤسسات المجتمع المدني في السنوات الأخيرة هيأت الأرضية المجتمعية لقبول المرأة لهيمنة هذه التيارات، فالتقاليد والأعراف لا تفصل بين ما هو مقدس وما هو ثقافي.. لذلك كان سهلاً أن تستجيب معظم شرائح المجتمع لهذه الحركات خصوصاً وأن هذه الحركات الإسلامية لا تطالب بتغير وضع المرأة الاجتماعي وقد ساعدها على ذلك تحالفهم مع الحكومات وقلة وعي المرأة وخضوع النساء لهيمنة الرجال.. ورغباتهم.
وأخيراً نرى بأن حكومات الخليج قد أهملت تحسين أوضاع المرأة بشكل عام وسمحت لها بالعمل في اللجان الخيرية الإسلامية التي تعمل لحركات وأحزاب مسيسة تحت غطاء العمل الخيري.. المصيبة أنه لا أحد يعرف أين تذهب أموال هذه الجمعيات النسائية وما هي أوجه صرفها؟ وفي أي مجال؟
هل يمكن وقف العمل الجهادي للنساء الخليجيات أو الرجال؟
لقد ركزت دول الخليج العربية ومعها الدول المتحالفة لمحاربة الارهاب دوليا على الجانب الأمني والعسكري.. وأهملت الجانب الثقافي والتعليمي في محاربة الإرهاب بشكل عام.. ولن نحقق أي انجاز في القضاء على الإرهاب إلا بالانفتاح الحضاري على العالم وترسيخ مفهوم الدولة المدنية بدلا من الإصرار على مهادنة تيارات الإسلام السياسي أملاً في احتوائها.
إن قضية تحرير المرأة واسترجاع كرامتها الإنسانية كمواطنة خليجية ماهي إلا الخطوة الأولى في محاربة التطرف والإرهاب.. فمعاملة المرأة كمواطنة لها دور في مجتمعها هي الخطوة الأولى في ابتعادها عن التطرف والإرهاب.