
بلا شك أن بشاعة مشهد حرق الطيار الأردني «الكساسبة» المشارك في قوات التحالف على يد عناصر «داعش» هزت قلوب الكثيرين ممن شاهدوا المنظر. وأيا كانت المبررات التي ساقتها «داعش» لاستخدام هذه الطريقة في قتل الطيار فسيظل المشهد قاسيا ومؤلما.بل إن هذا المشهد والذي اعتقدت «داعش» أنه سيحقق بعض المصالح، إلا أن أغلب الظن بأن مآلاته ستعود بالشر على المسلمين، فهذا المشهد أعطى صورة مشوهة لحقيقة الجهاد، والخلافة الإسلامية التي يزعم المنتمون لداعش حرصهم على إقامتها.
بل إن هذا القتل لربما كان مبررا لاستعداء مزيد من الخصوم ممن ربما تعاطفوا سابقا مع قضايا المسلمين، بل إن المجرم بشار ومن هم على شاكلته سيجدونها فرصة لتبرير بقائهم في الحكم واستمرارهم في القتل وطلب المزيد من الدعم من أجل مواجهة مثل هذا الفكر المتطرف، وبالطبع فإنهم لن يفرقوا في ذلك بين فصيل جهادي وآخر. لقد توقف النبي عليه الصلاة والسلام عن قتل المنافقين في زمنه – مع خطورتهم على دولة الإسلام – خوفا من أن يقول الناس أن محمدا يقتل أصحابه. إن قتل الطيار الأردني على أيدي مقاتلي «داعش» ليس بالأمر المستغرب، فلقد نحروا خيرة مقاتلي الثورة السورية المعارضين لنظام الأسد، فهل نتوقع منهم التورع عن قتل من قام بقصفهم. في هذا السياق أنا استهجن كل من يفرق بين قتل وقتل وحرق وحرق، فالبعض اهتزت مشاعره عند حرق الكساسبة، والسؤال أين تأثر هذه القلوب من آلاف النساء والأطفال الذين حرقوا بنيران براميل الموت التي تسقطها طائرات النظام السوري؟، وأين قلوبهم يوم أن كانت غزة تحترق بأهلها بنيران القصف الصهيوني؟، بل هل تحركت مشاعرهم وهم يشاهدون حرق المسلمين الروهينجا في بورما، أو نحرهم كالخراف في أفريقيا الوسطى؟
أقف احتراما وتقديرا للحكومة التركية ورئيسها الذين استنكروا جميع الجرائم ضد البشرية أيا كان مرتكبها مسلما أو غير مسلم، دون أن يجعلوا معيارهم المصلحة الذاتية، وهذا ما افتقدته الكثير من الحكومات الأخرى.
المنشد المفتون
هكذا ومن دون سابق إنذار شن القارئ المنشد هجوما على جماعة الإخوان واصفا أتباعها بأنهم أحقد من جمل.
ثم أخذ يكيل التهم زاعما بأنهم منبع الإرهاب مستدلا بمقتل السادات، ثم أردف تغريداته بالطعن بالأموات حين تعرض للشهيد سيد قطب رحمه الله مدعيا بأنه طعن في الصحابة وافترى عليهم.
ونقول لهذا المنشد المفتون حنانيك حنانيك.
أولا: يقول المثل «الحر من راعى وداد لحظة» فهل راعيت وداد من صادقوك وصاحبوك من أتباع الإخوان قبل أن تكتب تغريدتك؟
ثانيا:هل يمكن أن ينطبق كلامك على العديد من العلماء والمشايخ والدعاة الفضلاء من الإخوان الذين شهد القاصي والداني بنزاهتهم وأخلاقهم وجهادهم ودعوتهم؟
ثالثا: لقد افتريت على الإخوان إما جهلا أو تعمدا بأنهم كانوا وراء مقتل السادات، والكل يعلم بأن قتله تم على يد جماعة الجهاد الإسلامي وليس الإخوان.
رابعا: افتريت على سيد قطب بأنه طعن في الصحابة، ولا أدري إن كنت تجهل أو تعلم بأن ذلك كان في بداية كتاباته الأدبية، ثم تراجع عنها بعد تحوله إلى الاتجاه الإسلامي، وحذفها في الطبعات الأخيرة من كتبه، فهل يجوز أن نحاسبه على كلام تراجع عنه، يا حامل القرآن؟!
أخشى عليك أن تكون كبني إسرائيل الذين حمّلوا التوراة ثم لم يحملوها، فتقرأ القرآن ولا تعمل به، وتتلو آياته وتسير عكس اتجاهها.
سؤال أخير: كنت تمدح الإخوان في عهد مرسي وتقول «لهم فضل بعد الله على الدعوة والناس لا يمكن إنكاره، وينبغي سد خلّاتهم وزلاتهم لا تنقيصهم ومعاداتهم»، فما الذي جعلك تقلب عليهم ظهر المِجنّ بعد ذلك؟