
بقلم : د.عصام عبداللطيف الفليج

مرت على الكويت سنوات طويلة، مارس فيها القوميون والليبراليون والعلمانيون في الخمسينات والستينات والسبعينات هواية فرض الرأي، واقصاء الرأي الآخر، بل اقصاء الآخر بجملته، مخالفين تاريخ مجتمعهم المحافظ، باسم الحرية تارة، وباسم التنوير تارة اخرى، حتى واجههم رجالات المجتمع الكويتي وشيوخنا الكرام، وتوالت القوانين المنظمة لذلك الانفراط، تأكيدا لهوية المجتمع الكويتي المحافظ. وعندما اطلعت على اعلان لحفلة راقصة قبل 40 عاما في احد الفنادق، تذكرت جهود أهل الدعوة في الكويت، ودورهم في محاربة الرذيلة، فدعوت لهم ولحكام الكويت.
وقد اطلعت على بعض المواقف التاريخية لحكام الكويت وأهلها في مواجهة التفلت الأخلاقي والقيمي والديني، وهذه نماذج منها:
< قال الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله السويدي البغدادي واصفا الكويت عام 1772م: «خرجت الى الكويت وخرج معي جماعة، فدخلتها واكرمني اهلها اكراماً عظيما. وهم اهل صلاح وعفة وديانة، وفيها اربعة عشر جامعا، وفيها مسجدان، والكل في اوقات الصلوات الخمس تملأ من المصلين. اقمت فيها شهرا لم أُسأل فيها عن بيع او شراء ونحوهما، بل أُسأل عن صيام وصلاة وصدقة، وكذلك نساؤها ذوات ديانة في الغاية».
< قال أحمد مدحت باشا في مذكراته عن الكويت بعدما زارها عام 1872م: «وقد كثر عدد سكانها على تمادي الأيام، وشيخها اليوم اسمه عبدالله الصباح، وأهلها يديرون أمورهم بحسب الشرع الشريف».
< قال ديكسون في كتابه «الكويت وجاراتها»: «وكان سالم بن مبارك آل صباح نسيجاً مختلفاً جداً من الرجال، فهو مسلم متشدد وعنيد في التمسك بعقيدته، وكانت شجاعته من نوع نادر».
< قال الشيخ عبدالعزيز الرشيد عن الشيخ سالم بن مبارك: «أول أعماله تطهير البلد من الفسق، حتى رتّب مختارين في الأحياء لازالة ذلك الدنس، فلهجت الألسنة بالثناء عليه لما أبداه من الغيرة على الآداب العامة والأخلاق الفاضلة».
< وصف الشيخ أحمد الشرباصي أهل الكويت: «الكويت امارة عربية اسلامية، جميع أهلها مسلمون، وأغلبهم سنيون سلفيون، وأغلبية القوم متدينون متعبدون محافظون على الشعائر الدينية».
< قال ديكسون عن الشيخ أحمد الجابر: «وبصفته مسلماً شديد التمسك بعقيدته، بذل جهداً كبيراً من أجل منع الخمور، وأيضاً من أجل القضاء على البغاء، وكان هو نفسه من غير المدخنين».
< أمر الشيخ عبدالله بن صباح سنة 1810م، بناء على طلب القاضي علي بن نشوان، بحرق أكواخ وعشيش يجتمع فيها أهل الفساد والخمور، وبني مكانها مسجد المديرس.
وبلا شك ان في الجعبة كثيراً، لا تتسع الصفحات لذكرها، ولكل اجره الذي سبقه، وأسأل الله ان يحفظ الكويت من كل سوء، ومن دعاة السوء.
٭٭٭
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل أمتي معافى الا المجاهرون، وان من المجانة ان يعمل الرجل عملا بالليل، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه».
٭٭٭
فَرْضٌ عَلَى النَّاسِ ان يَتُوُبوا
لَكِنَّ تَرْكَ الذُنُوبِ أَوْجَبْ
والدهرُ في صرفهِ عجيبٌ
وَغَفْلَة النَّاسِ فِيْهِ أَعْجَبْ
وَالصَّبْرُ في النَّائِبَاتِ صَعْبٌ
لَكِنَّ فَوْتَ الثَّوَابِ أَصْعَبْ
وكل ما يرتجى قريب
والموت من كل ذاك أقرب