آراءخبر عاجلمحلي

الفليج: مسرح السخرية.. من يوفقه؟

عصام الفليج
عصام الفليج

د.عصام الفليج:

يعد المسرح من الوسائل الثقافية الراقية في العالم، ففيه المعلومة والتوعية والرسالة والثقافة، التي تعتمد على النص، وفيه الترفيه، الذي يعتمد على السيناريو والمخرج ومستوى الأداء.

لذا.. اهتمت به الشعوب منذ الأزل، عبر وسائل وطرق مختلفة، ومنها الكويت التي انطلق منها المسرح عبر المدارس، ثم الفرق المسرحية، واهتمت الدولة مشكورة بانشاء المعهد العالي للفنون المسرحية، وأحضرت كبار الأساتذة والفنانين من مصر، لنقل الخبرة، وبالفعل اصبح لدينا خريجون مسرحيون وأساتذة أكاديميون، وأصبحت الكويت رائدة المسرح العربي في الستينات والسبعينات، ولعلنا جميعا نتذكر مسرحية «علي جناح التبريزي وتابعه قفة»، ومسرحية «حفلة على الخازوق» اللتين حصلتا على جوائز دولية، والعديد من المسرحيات المقتبسة من نصوص عالمية، مثل «رحلة حنظلة»، و«حرم سعادة الوزير».. وغيرها الكثير.

ونشطت الحركة المسرحية، حتى اصبح الناس ينتظرون اعمال الفنانين الكبار، مثل: عبدالحسين عبدالرضا، وسعد الفرج، وابراهيم الصلال، واحمد الصالح، وخالد النفيسي، وعبدالعزيز النمش، وغانم الصالح.. وغيرهم، وأصبح لدينا مخرجون كبار، مثل صقر الرشود، وفؤاد الشطي.. وغيرهما.

من بعد هذا النجاح، تحول المسرح الى «تجارة» بحتة، بل تجارة هابطة، او قل تجارة غير نظيفة، فلا مانع من حيث المبدأ من الكسب من العمل الفني، ولكن عندما يتحول المسرح الى سرقة نصوص، ونصوص مكررة، ونصوص هابطة، وسخرية من الآخرين، وكلمات بذيئة، وألفاظ متدنية، واشارات غير لائقة، وحركات ايحائية، وأحيانا لا أخلاقية، وخلع الحياء نهائيا، فقط لاضحاك الجمهور، فاعتقد اننا وصلنا الى مرحلة لابد من الوقوف عندها!!

ولا يخفى على احد ما وصل اليه الامر في بعض المسرحيات من شتم وضرب وسخرية من خلق الله عز وجل، كالسخرية من الأسود، او القصير، او السمين، او شكل الوجه.. وغير ذلك، وهذا من السلوك غير المقبول أخلاقيا وتربويا وشرعيا.

وانا اسأل الفنانين بشكل عام: ما هي القيمة المضافة من هذه السخرية؟! وكيف تتوقعون ان يتلقاها أبناؤنا الصغار، ومن ثم كيف يمارسونها؟! وكيف نبرر لأبنائنا ما تقومون به من حركات غير لائقة، وكلمات بذيئة وضرب وسخرية؟!!

وفي الآخر يقول الممثل كلمة «الكذب حرام» كأنه أضاف قيمة!! والسؤال بشكل مواز لممثلي الصف الثاني والثالث، الذين يمارس عليهم ذلك الضرب والسخرية: كيف تقبلون ذلك على أنفسكم؟ أليست لكم كرامة؟ هل امتهنتم أنفسكم الى هذه الدرجة؟ كل هذا لأجل بضعة دنانير، او لاجل الظهور على المسرح امام الناس حتى لو كان بالضرب!! والأغرب ان يتم ذلك امام والديهم وأهاليهم وأصدقائهم!!

أرجو الا يقول أحد انه «فن»، فلقد قتل البعض الأخلاق باسم الفن، وانتهك الحرمات باسم الفن، وتجاوز الحدود القيمية باسم الفن، وهي بلا شك ليست من عاداتنا ولا تقاليدنا ولا ديننا.

ولعلها فترة حماس تتزايد فترة التمثيل، ولعلها حب الشهرة، وحب المال، ولعلها مناكفة بين الممثلين أيهم يتفوق على الآخر، او أيهما يمسخر الآخر، والنتيجة ما نرى من هبوط ليس له حدود، حتى اصبح مسرحنا «مسرح السخرية»، واضحينا نشير لمن يتكلم بالقيم لقلتهم، وامسينا نتهرب من مشاهدة المسرحيات مع أبنائنا خشية الحرج اللفظي والسلوكي.

ومن هنا.. أدعو اخواني الفنانين للارتقاء بالفن الكويتي من جديد، وان يتحملوا الأمانة التي نقلها السابقون، وان ينقلوا الايجابيات ويطوروها، ويتجاوزوا السلبيات ويتناسوها، ويكونوا مثالا لحامل مشعل القيم والأخلاق.

وبالطبع يجري ذلك بشكل عام على الاعمال التمثيلية الدرامية.

وأتمنى على الجهات المعنية في وزارة الاعلام، والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، أخذ الموضوع بشكل اكثر جدية وحزم، لان أخلاقيات وسلوكيات وقيم المجتمع اهم من الفن السلبي، والله يحفظ الكويت من الفتن والانحرافات السلوكية.

٭٭٭

قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب، ويل له، ويل له».

المصدر: الوطن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى