القرارعة : يجب تغيير فلسفة تفكير مؤسساتنا التربوية
خاص حماك
” التفكير العلمي لدى طلبة الجامعة ” عنوان الورقة البحثية التي تقدم بها الدكتور احمد عودة القرارعة من جامعة الطفيلة – الاردن – إلى مركز لندن للبحوث والاستشارات لعرضه في مؤتمره الدولي الخامس الذي أقيم في الأردن بالتعاون مع منتدى الفكر العربي بعنوان ” الاتجاهات المعاصرة في مؤسسات التعليم . . إصلاح وتطوير “
القرارعة : عملية تنمية التفكير العلمي بمختلف مستوياته وأنماطه أضحت هدفاً رئيساً من أهداف التربية العلمية؛ وذلك بسبب اتصاله الوثيق بالتطور العلمي والتكنولوجي في مختلف مجالات الحياة، ولقد اهتمت معظم دول العالم بتطوير المناهج التعليمية في كافة مستويات التعليم، وتوفير البيئة التعليمية الإثرائية لتنمية قدرات الطلبة في مهارات التفكير بأشكاله وأنماطه المختلفة..
ويشار إلى التفكير على أنه عملية ذهنية نشطة تهدف إلى مساعدة الفرد على حل المشكلة، ويعّرفه باير( (Beyer المشار إليه في جروان (2010) على أنه عبارة عن عملية عقلية يستطيع المتعلم عن طريقها عمل شيء ذي معنى من خلال الخبرة التي يمر بها، أما دي بونو (De Bono,1999) فيفترض أن التفكير هو اكتشاف متبصر أو متأنٍ للخبرة من أجل الوصول إلى الهدف، وتعرفه غليون (2002) بأنه مجموعة من المهارات العقلية المتكاملة اللازمة لحل مشكلة باستخدام منهج علمي تتوافر فيه الموضوعية ويتسم بالدقة.
القرارعة : ومن خلال هذه التعريفات يلاحظ الترابط الوثيق بين التفكير العلمي وحل المشكلات، والتأكيد على أن التفكير العلمي يتضمن مهارات وخطوات متدرجة ويتكون من مهارات: تحديد المشكلة، واختيار الفروض المناسبة، واختبار صحة الفرض، وتفسير البيانات، والتعميم.
ورغم تنوع وجهات النظر حول مفهوم التفكير العلمي إلا إنه يتصف بما يلي: 1- يمكن تعلمه وتنميته. 2- مصاحباً لموقف مشكل.
3- موجهاً لحل مشكلة. 4- يختلف من فرد لآخر. 5- يشتمل على عدة مهارات.
عملية تنمية التفكير العلمي تتأثر كغيرها من النتاجات التعليمية أهمها المهارات التدريسية وما تتضمنه من تخطيط للموضوع، وإدارة للموقف التعليمي، وطرائق التدريس، واستخدام وسائل تعليمية حديثة، وتشجيع الطلبة على استخدام قدراتهم العقلية من خلال أنشطة وخطط ذهنية إثرائية، وإثارة تفكيرهم، وتوجيه الأسئلة، وأساليب تقويمهم، ويشير سليم(2001) إلى أن استخدام هذه الفعاليات لها دور ايجابي في تنمية التفكير العلمي لدى الطلبة.
القرارعة طرح عددا من الأسئلة في بحثه مفاده :- ما مستوى التفكير العلمي لدى طلبة جامعة الطفيلة التقنية ؟ – ما علاقة التفكير العلمي لدى طلبة جامعة الطفيلة التقنية بالتخصص، ومستوى الطالب، والنوع الاجتماعي ؟
القراراعة خلص من دراسته البحثية في النهاية الى أن المستوى المتوسط للتفكير العلمي لدى الطلبة يمكن أن يعزى إلى العديد من العوامل منها أن المناهج الدراسية قد صممت تصميماً لا يساعد على تنمية تفكير الطلبة، إذ لا يزال الطابع السائد في وضع المناهج كما يشير سعادة (2003) متأثراً بالأفتراض الذي مفاده أن عملية وضع كماً هائلاً من المعلومات ضرورية وكافية لتنمية تفكير الطلبة، وينعكس هذا الافتراض في طرائق التدريس السائدة والتي يغلب عليها الجانب التلقيني، وتركز على حشو عقول الطلبة بالمعلومات والقوانين دون اهتمام بتنمية مهارات التفكير العلمي.
الفلسفة السائدة في مؤسساتنا التربوية من مدارس وجامعات تركز على نقل وتوصيل المعلومات بدل من التركيز على توليدها أو استعمالها، كما أن نظام التقويم السائد في معظم المؤسسات التربوية يركز على المستويات الدنيا من التفكير وعلى حفظ المعلومات، واعتبار أن الطالب المبدع هو الطالب الذي يحفظ أكثر، ويؤكد المانع (( 2005 أن تعليمنا في الوطن العربي يعتمد على التقليد وحفظ النصوص ، وأن الطالب يحفظ الآف السطور، وينساها بعد الاختبار ليكون في النهاية شخصاً غير قادر على التفكير والاستنتاج، وفي هذا الصدد يضيف سانو(2014) أن النظرة لازالت إلى أن الطالب المثالي – في نظر العديد من المدرسين- هو من يجلس جامداً على مقعده كبقية السواكن في قاعة الدرس دون سؤال أو استفهام أو مشاركة، وإن خطأ الأستاذ أفضل من صواب الطالب.
ويرى الباحث أن هذا المستوى من التفكير العلمي يمكن أن يعزى إلى اعتقاد العديد من المدرسين أنه هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة خلال المواقف التعليمية؛ مما يجعل معظم التفاعل اللفظي لصالح المدرس، والذي يعتمد على مرسل ومستقبل، بينما يكون دور الطالب هامشياً ، بالإضافة الى تمسك الكثير من المدرسين بوجهات نظرهم وعدم تقبل أفكار الطلبة التي تتعارض مع آرائهم وأفكارهم؛ مما يعيق التفكير وتعددية الآراء، كما أن عدم تقبل المعلم لمعلومات أو أفكار أو أسئلة تخرج عن موضوع الدرس أو عناصره المختلفة يحد من تفكير الطلبة، يضاف إلى ذلك اعتماد الكثير من المدرسين على كتاب واحد مقرر واعتباره المرجع الوحيد وتركيز المدرس عليه في شرحه وأسئلته؛ مما يُضعف فرصة الاستفادة من الانفجار المعرفي الذي لايمكن لكتاب أو مرجع تغطية جوانب الموضوع، فالتفكير هنا محصور في وجهات نظر محددة.