آراءدولي

الحمود:الأقربون أولى..؟!

موضي عبدالعزيز الحمود:موضي الحمود

نقاش جميل دار أثناء الجلسة مع مجموعة من الزملاء، يشغلهم الهم العام والأحداث المتلاحقة على الساحتين العربية والمحلية، وآخرها الحادث الإرهابي على المتحف التونسي، وسقوط ضحايا من عباد الله المسالمين المتيمين بالتراث العربي من السائحين ومن أبناء تونس.. وشدَّ ذهني ما طرحه أحد الزملاء قائلاً إذا كان «تنظيم داعش» استطاع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفي غضون فترة زمنية لم تكن طويلة، من تغيير فكر عناصره، خاصة من الشباب الذين يستقطبهم من العالم أجمع، ومن جنسيات وثقافات مختلفة من الذكور والاناث، التي التحقت بالتنظيم من أشهر، أو ربما سنة أو سنتين على أكثر تقدير، حيث استطاعت قيادات التنظيم أن تغير فكر هؤلاء تماماً، فهل يعني ذلك أننا من الممكن ــ أن نتبنى أسلوباً مشابهاً أو وسيلة في التعليم ــ نستطيع من خلالها أن نؤثر في فكر الناشئة بإحداث ما نستهدفه من تغيير إيجابي، وخلال فترات قصيرة أو متوسطة؟ ولماذا لا نفعل ذلك على الأقل في دول الخليج إن كنا جادين في تغيير الفكر والقضاء على التطرف المدمر؟ بدأ النقاش وانتهى، ولكني ما زلت أفكر: هل من الممكن ذلك؟في ظاهر الأمر قد يكون هذا ممكناً، ولكن الحقيقة تكمن أن هذا المنهج المنحرف لم يأت. بهذه السرعة، وأن «الجماعات الدينية المؤدلجة» في بلادنا قد استلمت التعليم والمنابر والمساجد والساحات الإعلامية سنوات طويلة، حتى هيأت لأرضية فكرية خصبة نشأت من خلالها وانشقت عنها هذه الانحرافات الفكرية الخطيرة المتدثرة بالدين، وهو منها براء، وآخر ما ظهر منها على اليوتيوب أحد المتطرفين الذي أفتى بجواز قتل «الأقربين حتى ولو كان الأب أو احد الأهل والأقارب، إذا كان من المخالفين لشرع الله» بالطبع «وفق الاجتهاد الداعشي»، ونسف هؤلاء ما ورد في كتاب الله المُحْكَم عن سيدنا إبراهيم (عليه السلام)، حين جاهد مع أبيه لثنيه عن عبادة الأوثان، ولما يئس منه قال: «سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حَف.يّا، واعتزلكم وما تَدْعونَ من دُون. الل.ه وأَدْعُو رَبّي عَسَى ألا أكُونَ ب.دُعاء. رَبّي شَقيّا» (صدق الله العظيم). أين سلوك هؤلاء الجانح الى القتل في كل الأحوال حتى مع الوالدين، وما يدعو له هذا الهدي القرآني السليم؟ وهذا منوالهم في تسيير امورهم جميعها بلا عقل ولا منطق. فعلاً إن الأمر الذي طرحه زميلنا أكثر من مستحق بأن يتم بحثه والاتفاق حوله بين المسؤولين عن الإعلام والتعليم، لعلنا نجد طريقاً آخر نغير فيه انحراف الفكر والمنحى لشبابنا الحائر بين الدين والدنيا، لعلهم يوفقون لبناء مستقبلهم بين الأمم وليس تدميره. 

اشتقنا للهدوء: أدرك صعوبة تحقيق ذلك في هذا الوقت العاصف، ولكن الكويت ولله الحمد دولة مؤسسات، حتى ولو كانت لنا ملاحظات على أداء بعضها، وتظل ثقتنا بالقضاء كبيرة وهو الملجأ والملاذ، وقد قال النائب العام كلمته في «قضية الشريط»، التي شغلت الساحة، والتي طالت شخصيات لها دورها الوطني ومساهماتها، فكفانا تجريحاً بهم وبغيرهم من شخصيات أعطت وما بخلت، اجتهدت وعملت، ولنرحم مجتمعنا ومؤسساتنا من التصدع، وذلك بأن نكون عوناً لاحقاق الحق واحترام كرامة الاخرين حتى مع الاختلاف، فهذا هو الحصن الحصين للوطن.
كلمة أخيرة: شعرنا بالأسف لاستقالة وزير الأشغال والكهرباء المهندس النشط والمُصْل.ح عبدالعزيز الإبراهيم، وكم كان أملنا أن يتصدى للاستجواب ويؤخر استقالته، ليساعد جاداً في كشف مواطن الخلل والفساد التي أشار اليها، والتي يعاني منها هذا الوطن، ولكن نعذره ولا نلومه إن آثر السلامة، فالشق عود وطريق الإصلاح وعر.. والله الموفق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى