آراءدولي

الكندري :المشهد العربي… السلطة بالبندقية

عبد العزيز الكندري :عبد العزيز الكندري

المشهد العربي أصبح معقدا جدا، وسط تداخل المشاكل الشائكة على بعضها، والتطورات منعت حتى أجهزة الإعلام والصحف العربية والعالمية من تغطيتها بسبب السرعة الكبيرة والتي تحتاج طاقات ومجهودا جبارا في مواكبة الأحداث الجارية في اليمن والعراق وسورية وليبيا والقائمة تطول في أكثر البلدان العربية سخونة لاسيما في ظل ندرة الإعلام المهني.

ففي اليمن قام «الحوثي» بفرض السيطرة على مفاصل الدولة وسط تسهيل وتعاون مع مجموعات ودول إقليمية سهلت له المهمة، وأصبح المشهد اليمني على مشارف صدام لا قدر الله لولا حكمة «حزب الإصلاح» الذي كان حريصا على الدم اليمني ولم يدخل في صراع إلى هذه اللحظة وسط تحذيرات غربية وإغلاق سفارات العديد من الدول.

فقد أعلنت وزارة الخارجية البريطانية سحب العاملين بسفارتها في اليمن، وعلقت بصفة موقتة أعمالها هناك لدواع أمنية، بعد يوم من إغلاق السفارة الأميركية أبوابها في صنعاء، وقال الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط توبياس ألوود إن «الوضع الأمني في اليمن استمر بالتدهور خلال الأيام الأخيرة»، ودعت فرنسا الأربعاء رعاياها في اليمن إلى مغادرة البلاد «في أسرع وقت»، وأعلنت عن إغلاق سفارتها «موقتاً» اعتباراً من الجمعة الماضية، وأبلغ السفير الأميركي الموظفين أن واشنطن قد تطلب من سفارة تركيا أو الجزائر في صنعاء رعاية مصالح الولايات المتحدة في اليمن بعد إغلاق السفارة.

ما حدث في اليمن يمثل انقلابا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وأن صاحب السلطة هي لمن يملك البندقية، والحوار إنما يكون بالرصاصات وليس بالكلمات، ولاصوت يعلو فوق صوت البارود والرصاص، وهي تمثل مرحلة جديدة في مسيرة التحول التي تجري على خريطة الشرق الأوسط منذ 4 سنين، سواء باليمن أو بقية الدول العربية.

إن ما يجري اليوم في العالم العربي يمثل مرحلة جديدة وغير مستقرة إلى الآن ولا في المستقبل القريب، حتى أكبر البيوتات الاستشارية لم تكن تتوقع ما يحدث ومازال، لأن قواعد اللعبة بدأت تتغير وتتشكل من جديد، والرؤية باتت ضبابية وغير واضحة لكافة الأطراف العربية والإقليمية، ولن يستطيع أحد وضع مستقبل لما سيحدث في قادم الأيام بسبب كثرة المتغيرات اليومية واللحظية، وكأننا نعيش تحت رمال متحركة.

وأكثر الخاسرين في العالم العربي اليوم هي التيارات التي تنادي بالديمقراطية سواء كانت إسلامية أو ليبرالية على حد سواء، لأن الفراغ الذي ينتج عن ذلك هو بروز التيارات المتشددة وهي المستفيدة من كل هذه الفوضى التي تحدث مثل القاعدة و«داعش» و«حزب الله» والحوثي، وهذا أمر طبيعي في زمن الانقلابات والسلطة التي تأتي عن طريق البندقية.

ولا شك أن الانقلاب على العملية الديموقراطية مكلف جدا على مستقبل العالم العربي، بل لا يؤدي إلى الاستقرار، وسيزيد من سخونة الشارع العربي كما هو حاصل اليوم في اليمن، في ظل تزعزع الشرق الأوسط وتغير التحالفات على حسب المصالح.

والعالم العربي اليوم في أمس الحاجة إلى قيادات واعية تعرف تطلعات الشعوب وماذا تريد، وأن تكون صاحبة قيادة ونظرة ثاقبة، قادرة على القيادة في زمن المتغيرات.

إن الشرق الأوسط وفق هذه المعطيات والمتغيرات بدأ يتشكل من جديد، وما كان يصلح في الماضي قد لا ينفع الآن، لأن العقبات كبيرة وكثيرة، نعم يمكن تجاوزها ولكن بصعوبة بالغة وقد تستمر لسنوات وأجيال، وقد تكون هناك مخاضات عنيفة وصرخات كبيرة وقوية ولكنها تحتاج إلى صبر وأن نكون على قدر المسؤولية… حتى نعبر إلى بر الأمان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى