حوادث وقضاياشؤون عربيةصورة و خبر

اللجنة المصرية في غزة: دخول معدات ثقيلة لتنفيذ مهمات إنسانية وسط دمار شامل

أعلنت اللجنة المصرية العاملة في قطاع غزة عن استقبال معدات وآليات ثقيلة، للمشاركة في فتح الشوارع المغلقة بركام المباني المدمرة، وإنجاز مهمات إنسانية عاجلة.

الخطوة تأتي في سياق مرحلة ما بعد حرب إبادة استمرت عامين، أودت بحياة أكثر من 68 ألف فلسطيني، وألحقت دمارًا واسعًا في البنية التحتية للقطاع.

قال محمد منصور، المتحدث باسم اللجنة المصرية العاملة في غزة، إن المعدات وصلت إلى وسط القطاع ليل السبت ـ الأحد، “بقرار من القيادة المصرية”، مؤكدًا أن الهدف هو “تمكين مصر من أداء دورها الإنساني في القطاع”.

وأوضح منصور أن المهمة الأساسية لهذه المعدات تتمثل في: فتح الطرق المدمرة والمغلقة بالركام، تنفيذ مهمات إنسانية عاجلة تتعلق بعمليات الإنقاذ والإغاثة، المساعدة في جهود البحث عن جثامين المحتجزين الإسرائيليين في المناطق المدمرة.

وأشار إلى أن أكثر من 90% من المعدات والآليات في غزة دُمّرت خلال الحرب، ما يجعل أي دعم خارجي حيويًا لاستئناف الأنشطة الإنسانية.

المعدات الواصلة إلى القطاع

بحسب ما أفاد مراسل وكالة الأناضول، بلغ عدد المعدات التي دخلت غزة عبر اللجنة المصرية 6 آليات ثقيلة في المرحلة الأولى، بينها: 3 حفارات (بواقر)، 3 جرافات (كباشات)، 7 شاحنات نقل ركام.

وأكد عضو اللجنة محمد قشطة مساء الأحد أن الدفعة الجديدة دخلت عند الساعة 18:20 بتوقيت غرينتش، في إطار خطة متدرجة لتوسيع العمل الميداني.

البعد الإقليمي والسياسي

التحرك المصري يأتي في سياق تفاهمات دقيقة بين القاهرة وتل أبيب وواشنطن، إذ نقلت قناة “كان” العبرية أن إسرائيل سمحت – تحت ضغط أمريكي – بدخول الفريق المصري والمعدات الثقيلة إلى غزة.

وتُعد هذه الخطوة تحولًا في الموقف الإسرائيلي، بعد أن كانت ترفض إدخال أي فرق أجنبية للبحث عن جثامين الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة حماس.

القناة أوضحت أن التنسيق يجري بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وبمراقبة أمريكية مباشرة ضمن جهود منع انهيار الاتفاقات الميدانية.

التطورات الميدانية المرتبطة

من جهته، أعلن خليل الحية، رئيس حركة حماس في غزة، أن عمليات البحث ستتوسع لتشمل مناطق جديدة في القطاع يوم الأحد، بهدف العثور على جثامين الأسرى الإسرائيليين الذين ما زالوا مفقودين.

ووفق بيانات متقاطعة، فقد أفرجت الحركة حتى الآن عن 20 أسيرًا إسرائيليًا حيًا، وسلمت رفات 16 آخرين من أصل 28، فيما تقول إسرائيل إن 13 جثمانًا ما زال مفقودًا.

أما الولايات المتحدة، فتبدي قلقًا متزايدًا من تعقيد المشهد الإنساني والسياسي في غزة.
وقال نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس في مؤتمر صحفي:

“القضية معقدة جدًا، بعض الجثامين مدفونة تحت آلاف الأطنان من الركام، ولن تُحل بين عشية وضحاها.”

السياق الإنساني الأوسع

تشير التقديرات الفلسطينية إلى أن الحرب التي استمرت عامين، دمّرت 90% من البنية التحتية المدنية في القطاع، بما يشمل الطرق والمستشفيات والمدارس ومحطات الكهرباء والمياه، وخلّفت خسائر أولية تُقدر بنحو 70 مليار دولار.

في هذا السياق، يُنظر إلى التحرك المصري باعتباره أول تدخل ميداني منظم لإعادة فتح الشوارع الحيوية، تمهيدًا لمرحلة الإغاثة الشاملة وإعادة الإعمار.

عودة مصر إلى الواجهة الإنسانية:

عبر إرسال المعدات والكوادر إلى غزة، تعيد القاهرة تأكيد دورها التقليدي كـ”ضامن إنساني” في أزمات القطاع، ضمن سياسة تقوم على التوازن بين الأمن القومي والدبلوماسية الإنسانية.

توازن حساس بين الأطراف: دخول المعدات تم بموافقة إسرائيلية وضغط أمريكي، ما يعكس تفاهمًا ثلاثيًا هشًا لإدارة الملف الإنساني دون تغيير معادلات السيطرة الميدانية.

البعد الرمزي: رغم الطابع الإنساني للمهمة، إلا أن الخطوة تحمل رمزية سياسية كبرى — إذ تمثل أول حضور ميداني مصري بهذا الحجم داخل القطاع منذ الحرب، ما قد يفتح الباب أمام دور أوسع في إعادة الإعمار.

خاتمة

تدخل المعدات المصرية إلى غزة ليس مجرد حدث لوجستي، بل مؤشر على بداية مرحلة جديدة من الانخراط العربي في معالجة تداعيات الدمار بعد الحرب.

وفي ظل انهيار شبه كامل للبنية التحتية، يمثل التحرك المصري شريان أمل إنساني وسياسي، قد يمهّد لإطلاق عملية إعادة إعمار مشروطة بالتفاهمات الدولية.

الحدث يعكس معادلة دقيقة: مصر تتحرك باسم الإنسانية، لكن بحسابات السياسة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى