
محمد عبدالله المطر
التيار الليبرالي في العالم العربي وفي الكويت خصوصاً لديه مجموعة من الشعارات والمقولات التي عرف عنه تكرارها منذ زمن، والمشكلة لا تكمن في تبنيه لهذه الأمور فهذا من حقهم ومن حق اي شخص او تيار يتحدث عن افكاره بأدب وتتم مناقشته واقناعه، ولكن المصيبة أن التيار الليبرالي عجز عن الاستدلال والقدرة على توضيح وتأصيل لهذه المفاهيم والأفكار والآراء التي يطرحها، ان لغة المنطق والبرهان والحجة تكاد أن تكون غائبة في الخطابات الليبرالية ببعض الأمور ولكن لها رواجاً وربما لا يكون هذا الرواج كالسابق، فكثير من فئات المجتمع والنخب باتت واعية لهذه الأمور خصوصا بانتشار وقوة الصحوة الاسلامية ورموز مؤسساتها بفضل الله، وهنا سأتكلم عن ابرز النقاط التي ما فتئ التيار الليبرالي بطرحها والتشغيب بها وهي :
١- علاقة الدين بالسياسة والحياة: الطرح الليبرالي لقضية العلمانية نابع بشكل كبير من الجهل بالدراسة الواعية للدين الاسلامي في الفقه والعقيدة والتاريخ الاسلامي، ولو حرص هؤلاء على الانصاف والمطالعة الواعية للتراث الاسلامي لوجدوا انفسهم في التيه الكبير والضياع والفجوة بينهم وبين فهم الدين الذي يحملون اسمه في الأوراق الرسمية، فمن اين اتى فصل الدين عن السياسة او الحياة؟! ما الشواهد الدينية على هذه الآراء؟! وما الدلائل التاريخية منذ مئات السنين على هذه القضية؟!، لقد رأيت بنفسي كثيراً من اللقاءات والبرامج للتيار الليبرالي وعند طرح هذه الأمور تجد العجز والعقم في تناول هذه الأمور وكأنهم يصعقون على اسئلة كهذه من بسطاء وعامة الناس!
2- العمل الخيري: يشكل العمل الخيري هاجساً كبيراً ورعباً عظيماً للكثير من المنتسبين للتيار الليبرالي، فالهجوم عليه والتقليل من شأنه والطعن على انشطته والتشكيك بمن يقوم به منطلقات للطرح الليبرالي وأحد أهم وسائله، ومنذ عقود بالكويت عندنا خاصة لم ينجح هذا التيار في تسديد الاتهام ولو بحالة واحدة! او شخص بعينه او جهة ما! تبين الفساد والخلل بالعمل الخيري وإن وجد (جدلاً) فهل يستطيع اي كويتي عدم ذكر محاسن العمل الخيري الكويتي الذي حصل على اشادات عالمية وعربية واسلامية من الناس ومن المؤسسات الكبيرة بالشفافية والجودة الادارية.
3- الهيمنة على مفاصل الدولة : يعطي التيار الليبرالي الايحاء لكل من يستمع له أن دولة الكويت يتحكم فيها التيار الاسلامي بكل مفاصلها وهذه الدعوة المضحكة عندما ندقق فيها بشكل مفصل نتعرف هنا على مستوى الذكاء والقدرات العقلية لدى ليبرال الكويت، فالفوز المستحق ببعض المؤسسات النقابية بانتخابات حرة نزيهة بإرادة الناس يعتبره الليبرال سيطرة على مفاصل الدولة! والكل يعلم بالنهاية ان هذه المؤسسات مجرد وسائل للضغط ولا تتخذ قرارات! وما يقولونه عن وزارة الأوقاف هذا امر واضح وجلي، فالتيار الاسلامي هو متخصص بالأمور الاسلامية والدينية، فمن البدهي ان يكون موجودا بالاوقاف وهذا عجز منكم لأنكم لا تهتمون بالشؤون الاسلامية فلماذا اللطم والنياح!! بينما نجد الليبرال يسيطرون على التربية والتعليم وبعض مؤسسات الدولة المالية وغير ذلك ومع هذا نجد الفشل الكبير بالتنمية! ووجود اسلامي بمنصب بالدولة هل هذا الأمر محرم عليه؟! وهو ابن البلد ومجتهد وصاحب انجاز!
4- مأزق الحريات: من اكبر الامور التي يطرحها التيار الليبرالي موضوع الحريات، وعندما نأتي للواقع خاصة بالفترة الماضية نجد ان الحريات التي يتكلم عنها معظم الليبرال وليس الكل حتى لا أظلم لا تتعدى حريات اللباس والاختلاط وطرح الأفكار الموافقة لهم او لمن يخشون خسارته، ولكن الحريات التي تتعلق بالتيار الاسلامي وافكاره ومؤيديه ومواقفه لا تجد عندهم ذكر لها بل السكوت احياناً وربما تأييد للمستبد!! فباختصار هي حرية كل شيء الا التيار الاسلامي!
5- الانقلاب على الصندوق : وهذه النقطة تحديداً موجودة بالسابق فعند التعامل مع التيار الاسلامي يتم نسف الصندوق الى دعاوى لا اساس علمي لها وانقلاب على المبدأ بسبب نجاح المخالف الاسلامي! ومن افضل حسنات الربيع العربي تعرية هذا التيار وبيان موقف الفاضح من الديموقراطية والصناديق، فهم رأس حربة في مواجهة الديموقراطية اذا اتت بخلاف ما يحبون ومواقفهم مما حدث بمصر وتركيا وغيرها من الدول امر واضح لا غبار عليه وبالكويت بنظرتهم لمجلس 2012 الأول الشرعي.
هذه جولة مع ابرز النقاط التي يدندن عليها ليبرال الكويت وغيرهم والحوار معهم يطول، وباعتقادي أن المأزق الذي يعانيه هذا التيار ربما سيحوله من تيار فكري الى تيار (برغماتي) بغلاف ليبرالي ولكن وقتها لن يرتقي الى النخب الحرة والميادين التي تنطلق من لغة العقل والمنطق الى غير لغة اللا منطق واللا عقل.
نقلا عن “الراي”.