المطوع : نحتاج الى التغيير الإيجابي
قراءة حماك
كثيرون من ينادون بالتغيير في علامنا العربي والاسلامي ، كثيرون يشعرون بغصة في الحلق مما الت اليه الأمور في ربوع أمتنا والمسلمين المستضعفين كثر في أصقاع الأرض . لكن لم يسأل أحد نفسه عن ماهية هذا التغيير الذي يطالب به ، وفي الأسطر التالية عبارات جميلة قرأتها تتحدث عن حاجتنا الماسة كبشر وكمسلمين الى التغيير الإيجابي حتى نحافظ على الوديعة ولا نقع فى الخديعة .
إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11].
ذكر الله سبحانه وتعالى التغيير في هذه الآية مرتين:
الأولى: قوله: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْم {. اي تغيير ما يقع علينا من مصائب, هزائم, ظلم و سيطرة الكفار و الهموم و غيرها. وقد اسند الله امر هذا التغيير لنفسه
الثانية : قوله: {حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ{ أي تغيير ما يقع منا من أفعال من ذنوب و معاصي و خطايا و تكاسل و خنوع و غيرها.وقد اسند الله الأمر فيه للعباد أنفسهم .
لذلك يجب أن تشتغل الأمة عموما و الحركات الإسلامية خصوصا بتغيير ما يقع منها حتى يتم تغيير ما يقع عليها من الله.
ومن أراد التغيير فانه لا يتأتى إلا بإعادة صياغة من الداخل, ولا يكفي الإرشاد و تقديم النصح ، لأن عملية التغيير عملية ذاتية بحتة يجب أن تبدأ من الذات أولاً . وقيل قديما انه “قد تقود الحصان الى النهر ولكن لا تستطيع ان تجبره على الشرب”.
وللتغيير الايجابي خطوات الزامية:
- أن نقتنع انه هناك خلل
- أن نقتنع بخطورة بقاء الخلل و بأهمية اصلاحه
- أن نقتنع أننا قادرون على اصلاحه
- أن نقتنع أن اصلاح الخلل يصاحبه اجراءات مؤلمة جدا.
- أن نحدد طريقة اصلاحه و مدته
- أن نبدأ العمل فورا ودون تأخير
ان الحركات الاسلامية هي النواة الصلبة في الكتلة الحرجة المسؤولة عن التغيير, ولكي تبقى هذه النواة صلبة و لا تنصهر تحت الضغط الهائل الذي تتعرض له من كل حدب وصوب والحرب لاضروس التي تواجهه , يجب علينا صيانتها و اصلاحها بشكل دائم و مستمر . و اول ما نحتاجه من تغيير هو ان يكون حالنا الداخلي يتطابق بشكل كبير مع ما ندعوا اليه..
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)
ففي زمن التواصل الاني و اللحظي, وزمن ثورة المعلومات و الاتصالات لم يعد ممكن ممارسة ازدواجية المعايير او الانفصام بين الاقوال و الافعال .
فالفضاء الالكتروني الرحب ووسائل التواصل الاجتماعي جعلت من هذا الانفصام امرا مكشوفا مهما بذلت محاولات لاخفاءه .
لم يعد من الممكن أن نطالب الاخرين بالتالي :-
- التداول السلمي للسلطة و المسؤول لدينا يبقى مدى الحياة .
- تطبيق مبدأ الشفافية و قانون “من أين لك هذا؟” بينما “الطاسة ضايعة عنا”
- بتطبيق قانون “المساءلة و المحاسبة” و لا يُعمل بهذا القانون عندنا و كأننا مجتمع ملائكي
- تطبيق قانون الكفاءة و الغاء الواسطة و المحسوبية و نحن نعاني منها من رأسنا الى أخمص قدمينا
- الصبر على الصعاب و المعوقات و تحمل المشقات و التضحية بالغالي و النفيس و البذل والعطاء و نحن نعيش في بحبوحة و رغد العيش
نحن في أمس الحاجة الى تغيير ايجابي يردم الهوة السحيقة التي تتسع و بشكل يومي بين اقوالنا و افعالنا .
فالجيل الجديد لم تعد تسحره الاقوال او تشده الافكار فقط و لم يعد يؤثر به شيئا سوى الأفعال.
و لذلك تجد أن هذا الانفصام الشديد بين اقوالنا و افعالنا هو السبب الرئيس لضعف الاستقطاب و التأطير خارج حدود الوطن الفلسطيني المحتل وغياب هذا الانفصام هو السبب الرئيس لزيادة الاستقطاب و التأطير داخل حدود فلسطين التاريخية وهو السبب في كثير من مشاكل العالمين العربي والاسلامي في السنوات الأخيرة .
وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ
والله من وراء القصد