آراءدوليمنوعات

المطوع يكتب/ فلسطين المستقبلية بين السيادة والوجود الرمزي

بقلم/ المحامي مبارك سعدون المطوع

في أعقاب حرب الإبادة الجماعية  التي شنها الاحتلال على الشعب الفلسطيني الشقيق، ومع ضغوط الشارع العالمي برزت مرحلة جديدة على الساحة الدولية، حيث بدأ عدد متزايد من الدول الأوروبية والعالمية بالاعتراف بفلسطين كدولة ذات سيادة، هذا التوجه الدولي يعكس إدراكًا متناميًا بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وحقه في دولة مستقلة، وهو بمثابة خطوة نحو ممارسة سيادة فعلية تتجاوز مجرد القرارات الرمزية أو الخطابات الدبلوماسية.

ومع ذلك، يبقى السؤال الأكبر قائمًا، هل ستصبح فلسطين دولة حقيقية  قادرة على فرض نفسها بين الأمم، تحمي شعبها وترد العدوان، أم ستظل مجرد اسم على الخريطة، دولة بلا موارد حقيقية أو اقتصاد مستقل، تعتمد على المساعدات الدولية والمنح الخارجية؛ إن الدولة الحقيقية لا تُبنى على الاعتراف وحده، بل على وجود مؤسسات حاكمة قوية وقادرة على إدارة شؤون الأرض والسكان، وبناء اقتصاد متنوع ومستدام قادر على تمويل احتياجات الشعب الفلسطيني دون الاعتماد الكلي على الخارج، إضافة إلى القدرة على حماية السيادة الوطنية ورد العدوان بما يفرض احترامها دوليًا.

فلسطين، بوضعها الجغرافي والتاريخي والاستراتيجي، تمتلك فرصًا حقيقية لتصبح دولة قوية، غير أن ذلك يستلزم إرادة سياسية متينة ومؤسسات قانونية وتعليمية وصحية وأمنية متكاملة، فضلاً عن شبكة علاقات مع دول العالم تعزز حضورها الدبلوماسي والسياسي؛ ولاننسى أن  التاريخ يعلمنا أن الدول التي تقوم على المساعدات والمنح فقط سرعان ما تصبح عاجزة أمام أي تحدٍ، وتفقد القدرة على فرض إرادتها وحماية شعبها، وتبقى مجرد كيان شكلي بلا وزن حقيقي على الساحة الدولية.

إن التزايد الدولي في الاعتراف بفلسطين بعد حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 720 يومًا ليس نهاية المطاف، بل بداية الطريق نحو دولة قادرة على مواجهة التحديات، وتقرير مصير شعبها بحرية وكرامة؛ وعليه يجب أن تكون فلسطين أمام فرصة تاريخية لإثبات وجودها كدولة فعلية، قوية ومؤثرة، تتجاوز حدود الورق والخريطة، وتصبح نموذجًا حيًا للدولة العربية المستقلة القادرة على مواجهة العدوان والصمود أمام التحديات الداخلية والخارجية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى