آراءمحلي

المفلح:نصف الحقيقة

بقلم: عبدالوهاب المفلح:16620141344476

ما أكثر الناس التي تأخذ أو بمعنى أدق، تكتفي بنصف الحقيقة!

سأبدأ بالجملة التالية:

«لقد تغير فلان كثيراً! لم يعد فلانا الذي عهدناه…»، سأكمل هذه الجملة في نهاية المقال.

يبحث الإنسان بطبيعته عن الحقيقة، ويجاهد في أحيان كثيرة في البحث عنها! فنجد البعض يتقصى، ونجد البعض يبحث عن مدى «مصداقية» المصادر… إلا أن البعض تأتيه الحقيقة وكأن لها أرجلا فتقف أمامه فينظر باتجاهها مغمضاً عينيه! يا للأسف

الحقيقة قد تكون في أحيان عديدة مؤلمة… إلا أنها تظل حقيقة! فالحقيقة لا تتغير بدرجة الألم الذي تحدثه!

نعود إلى الجملة التي بدأت بها المقال دون إكمالها… الجملة بحد ذاتها تساؤل من شخص بشأن شخص آخر، يستنتج منها أن فلانا تغير ولم يعد فلانا المعهود… فهذه حقيقة استنتاجية صحيحة، ولكنها تعتبر فقط نصف الحقيقة!

تغير الإنسان عادة ما يكون بسبب مباشر، أو عدة أسباب متراكمة ساهمت في تغير سلوكه مع الشخص نفسه أو بشكل عام… فمن الأولى معرفة أسباب التغير التي تعد بمثابة ردة الفعل لفعل معين أو سلوك شخص معين.

فنحن بطبيعتنا نحاسب ردة الفعل وليس الفعل نفسه… «فلان لا يتصل»… «فلان متنرفز»… «فلان لا يتحدث كثيراً» إلخ من الاستنتاجات الـ«نصف صحيحة»!

فعدم الاتصال قد يعزى لعمل قمت به أنت وكانت ردة فعله في عدم الاتصال… كذلك النرفزة وعدم التحدث كثيراً أو أي استنتاج آخر تصل إليه وتكتفي به بأنه من المسلمات وهو في حقيقة الأمر لا يتعدى «نصف الحقيقة»…

عندما تنتقد الآخرين فأنت قد سمحت لهم بانتقادك أيضاً، لأنه كالطريق ذي الحارتين وباتجاهين متعاكسين… لا يمكن أن يكون طريق باتجاه واحد!

عندما يجد الشخص الصعوبة البالغة في رؤية أفعاله أو على الأقل الإحساس بأفعاله، سيكون أبد الآبدين من الذين يكتفون بنصف الحقيقة… لأن الحقيقة الكاملة ستجدها عندما تستكمل الجملة!

«لقد تغيرت كثيراً! لم تعد فلانا الذي عهدناه قبل قيامي بإيذائك بسوء ظني وعدم فهمي لصدق كلامك»!

هكذا اكتملت الحقيقة وتغيرت المفاهيم والاستنتاجات!

ليتنا نعي بأن مسؤوليتنا الأهم هي البحث عن النصف الآخر من الحقيقة!

«الكلام وحده لا يكفي لا بد من نطق الحق» شكسبير

وكما قيل «لا عذر لمن أدرك الحقيقة وتخلى عنها»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى