تراجع النفط يهدد بزوال فائض الميزانية

التراجع الحاد في أسعار النفط ….. الوقت ملائماً لتقييم أثر هذا التراجع على ميزانية الكويت وعلى تطلعاتها المستقبلية في حال تواصلت مسيرة التراجع.
برميل النفط الخام تراجع أمس 1.18 دولار إلي 41.34 دولار ، وسط درجة عالية من الضعف تشوب أسواق النفط ، بحيث يصعب الجزم بأن الأسعار لن تتراجع بشكل أكبر خلال الأشهر المقبلة، خاصة إذا ما استمرت المخاوف من حالة الضعف في أسواق المال العالمية
هبوط الأسعار ، يعيد للحكومة ذكريات قديمة غير محببة ارتبطت بحالة الازدهار وحالة الركود التي شهدتها أسواق النفط في عقد السبعينيات من القرن الماضي، في ذلك الوقت، لجأت الحكومة إلى زيادة حجم مصروفاتها بشكل ملحوظ عندما ارتفعت أسعار النفط إلى مستويات قياسية، إلا أن ميزانياتها قد عانت لاحقاً من عجوزات مزمنة عندما عادت أسعار النفط إلى مستوياتها السابقة.
إيرادات النفط تراجعت 54 في المئة بين عامي 1979 و1981، ما أدى إلى تحول في صافي الميزانية من فائض وصلت نسبته 57 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى عجز بسيط بعد عامين فقط، السيناريو الآن اقرب إلي التكرار، لأن التراجع ترك خلفه إرثاً سيئاً.
هنا يبرز تساؤل عن درجة قرب الكويت من التضحية بالفوائض القياسية التي سجلتها الميزانية في السنوات الأخيرة؟
أحد الخيارات للخروج من المآزق الحالي، يتمثل في تحديد سعر البرميل الذي سيؤدي إلى تعادل الميزانية، أي تساوي إيرادات الحكومة بمصروفاتها، من خلال تقدير حجم الإيرادات النفطية اللازمة لتغطية الفرق ما بين المصروفات المخطط لها والإيرادات غير النفطية، فإذا جاء سعر النفط الفعلي أعلى من سعر التعادل، الحكومة ستسجل فائضاً في ميزانيتها، والعكس صحيح إذا تم تحديد سعر تعادل مبالغ به
إذا لم يتغير حجم مصروفات الحكومة خلال السنة المالية المقبلة وبقيت أسعار النفط عند مستوياتها الحالية، فإن فائض ميزانية الكويت قد يختفي تماماً
تساؤل هام حول انعكاسات هذا التحول في الظروف المالية للحكومة، مع أن تحول صافي الميزانية إلى عجز سيشكل ابتعاداً صارخاً عن مسيرة الفوائض القياسية الضخمة المسجلة في السنوات الأخيرة، إلا أنه سيكون ذا أهمية محدودة على أرض الواقع. فكما هو معلوم، فإن توقف مسيرة التراجع الحاد في أسعار النفط سيعني أن ميزانية الكويت ستعود إلى تحقيق فوائض جوهرية في السنة التي تلي التخلص من العجز الاكتواري للتأمينات الاجتماعية.