
د. محمد بن إبراهيم الشيباني يكتب:
نعم، مبدأ المؤامرة ما زال قائماً، فأعداء الأمة قد سيجوها بسياجهم في كل شيء عسكري، فهاهم العسكر رجعوا مرة أخرى واحتلوا دولها، إما بالتدخل وإما بالقواعد رغم أنفنا أو رغبة منا. وأما الانقلابات بالمسمى القديم والمعونة والمساعدة وحل المشكلات الداخلية بالمسمى الجديد، فهذه حدثت وما زالت في بعض ديارنا. وأما الذبح اليومي أو قل بين فترة وأخرى بسقوط الطائرات المدنية أو العسكرية التي قد تحمل خبراء، علماء، طيارين عسكريين مدربين، قل ما شئت من الأسماء والصفات.
وأما عن الاغتيالات، التي أخذت أساليب أخرى تختلف عن الأساليب القديمة، التي كان يقتل المطلوب فيها في مسكنه أو بالشارع أو بسيارته، وهي كلها تصب في نقطة واحدة، وهي قتل المطلوب وإرغام منْ وراءه بالاستسلام، ولكن المذبحة أصبحت مختلفة عن الأولى التقليدية، فقد أصبح المطلوب يقتل بحزام ناسف أو مركبة مفخخة يقتل معها العشرات من الأبرياء، فصار الشعب كله مدعواً للقتل الجماعي!
قلت مبدأ المؤامرة ما زال قائماً الساعة وإلى ما بعد الساعة، تحريض أمة على أمة أو حزب على آخر أو دولة على دولة، حتى لو كانت تلك الأمة أو الحزب أو الدولة تشترك معك في اللغة والهدف والدين، ولكنهم حرضوهم بالأساليب الماكرة الملتوية الشيطانية التي لا تخطر على عقليات كثير من الزعماء والساسة، فتنقاد كالسائمة طوعاً ولا تتنبه لخطر ذلك إلا بعد أمة من الزمن.
من يعش ير، فقد اشتدت الخطوب، وأحبط الكثير وانتشر القنوط والتباس المسالك، وأصبحت السياسة الخادعة الغادرة القبيحة الجانب تنشب في القلب أظفارها، وفي عقول قفرة، والمقابل السياسي لها أكثر دهاء ومكراً وصبراً وكيداً، وقد يكون بيده مع الدهاء التهديد المبطن للراكعين الساجدين للمنصب يلوحون لهم بالإطاحة به إن لم ينصاعوا!
قلت في مقالة سابقة إن عدو الأمة اليوم لا عدو له إلا هي بعد أن تصالح مع كل أعدائه السابقين، بل أعداؤه السابقون وقفوا في وجه صفاً واحداً فتركهم إلى غيرهم وغيرهم نحن! والله المستعان.
• الماضي.
«إن الماضي قبلك الباقي لك، وإن الباقي بعدك المأجور فيك، وأجر الصابرين فيما يصابون به من أعظم النعمة عليهم فيما يعانون».
(محمد بن معاوية).