بدر الغريب يكتب : ما أحلاه
خاص -حماك
قصة قصيرة للكاتب : بدر الغريب
في صباح يوم مشرق جميل كنت أمارس فيه عادتي بالجلوس مع زوجتي وأبنائي لتناول وجبة الإفطار ، والنظر إلى كل ابتسامة تزين وجوه أبنائي البريئة الصادقة وتبادل الحديث حول اهتماماتهم وتشجيعهم للتحصيل العلمي ، وعن قيمة توكلهم على الله عز وجل ثم الأخذ بأسباب النجاح بالاعتماد على أنفسهم .
فبعد هذا اللحظات السريعة الجميلة ،ركبنا السيارة في الساعة ٦:٤٥ صباحا لتوصيل أبنائي إلى مدارسهم وزوجتي لعملها ، وكان الطريق ممهداً ، فوصلت مدارس الأبناء بعد ما يقرب من ربع ساعة بعد خروجي من البيت ، فنظرت إلى وجه زوجتي وهي رافعه يدها تدعوا الله تعالى لهم بالبركة والخير ، وقالت : كم أنا ممتنة لك على هذا الاهتمام والرعاية التي تمدنا بها ، فتبسمت في وجهها وقلت : إنما هذا انعكاس لما تقدميه لي ولأبنائي من تفان في رعايتنا ، واستمر الحديث بيننا حتى وصلنا لمكان عملها بعد مضي ١٥ دقيقة أخرى.
وعندها توجهت إلى الجامعة حيث مقر عملي ودراستي في آن واحد ، وكنت منظِماً لوقتي ، وأثناء الطريق نظرت إلى وجوه الناس من حولي ولاحظت ابتسامتهم المعبرة عن التفاؤل الذي يعكس حيوتهم كأنها أشعة وهّاجه ، فوصلت إلى الجامعة بوقت قصير وكان يوما دراسيا رائعاً حيث كل المحاضرين متواجدون في القاعات الدراسية سبقهم طلبة علم تواقون لتحصيل العلوم المختلفة ، وكان نادراً أن يتغيب أحد عن المحاضرات سواء من الأساتذة أو الطلبة .
وبعد انتهائي من محاضراتي في الجامعة ، عدت في الظهيرة لأخذ زوجتي من عملها وهي في قمة الفرح قائلة : اليوم كان انجازي محل ثقة رؤسائي في العمل بمشاركة زميلاتي في المشروع الذي قدمناه لفائدة المواطنين ودولتنا الحبيبة ، ولكن اخبرني أنت هل كانت الأمور على ما يرام في الجامعة ؟ فقلت: نعم ، وتبادلنا الحديث كالعادة في الطريق وإذ بنا على مشارف مدارس الأولاد وعدنا إلى البيت في الساعة ٢ ظهرا .
وفجأة !!! أسمع صراخا وأصوات عالية ، فقلت في نفسي ترى ماذا حدث ؟!! .. واذا بأبنائي وزوجتي يوقظونني من النوم وهم يقولون لقد تأخرنا عن المدرسة ( فكان حلما .. ولكنه جميل بكل تفاصيله) .
هل يعكس الحلم الخيال الذي طالما نتمنى أن نعيشه بعيدا عن توترات المنزل وتذمر الزوجة والأولاد ..؟ ام عن مشكلة الاختناق المروري ” الازدحام ” في شوارعنا ..؟ ام تحمّل نفسيات بعض البشر المزعجة في كل صباح ..؟ أم التزام الموظفين بأعمالهم والطلبة في كلياتهم ..والتفكير الإيجابي للموظف بكيفية خدمة بلدة كلٌ على حسب موقعه ؟
هل أصبح هذا الشيء مستحيلا في دولة المؤسسات وشعبها الذي يعتنق الدين الإسلامي الذي يدعونا إلى التسامح والعمل حتى الإتقان ؟؟
بدر الغريب – اعلام جامعة الكويت