خبر عاجلصورة و خبرمحلي

الشيبانى يسأل : من يحاسب من؟!

3da1adb84c
د محمد الشيبانى

 بقلم :  د محمد الشيبانى

 

بين يدي كتاب «تقرير لجنة التحقيق الوزارية في الوقائع والتصرفات الماسة بنزاهة الحكم في عهد الوزارة النحاسية الأخيرة»، طبع المطبعة الأميرية بالقاهرة سنة 1945، أيام رئيس مجلس الوزراء محمود فهمي النقراشي باشا، سأضطر في هذه المقالة الى أن أنقل بعض النصوص كاملة لمواكبتها ما يحدث في عالمنا العربي حذو القذة بالقذة! وما أشبه الليلة بالبارحة، يا الله كيف يتكرر الفساد من بلد إلى بلد بوجود أركانه مثل الجريمة، بل هو الجريمة التي تكتمل أركانها حتى تصدر المحكمة حكمها وهي: صعوبات التحقيق: وهي صعوبة تتبع بعض الأدلة حتى نهايتها في جرائم ارتكبها قوم من بعض أولي الأمر وأصحاب النفوذ كانت تحميهم حصانة مثلثة الجوانب. أولاً ـ حصانة الحكم: التي مكنت البعض من استخدام نفوذهم لا للثراء فحسب، بل لتغطية وسائلهم المعيبة إلى الثراء. ثانياً ـ حصانة الخبرة القانونية: فإن أكثر الوزراء وغيرهم من أصحاب النفوذ كانوا ويا للأسف من رجال القانون ـ أو لهم جماعتهم ـ يستخدمون خبرتهم به للتحايل عليه، فكانوا يلبسون تصرفاتهم غير المشروعة لباس القانون والشريعة، في غير ما اكتراث بالعبرة الأزلية التي تجعل من باطلهم ومن كل باطل سبيلا إلى الحق، ومن الزور سبيلا إلى النور. ثالثاً ــ حصانة الأحكام العرفية: ـ في بعض الأزمان والأمكنة ـ فقد استخدموا الأوامر العسكرية والأحكام العرفية وسيلة فعالة لا لتيسير مآربهم فحسب، بل لإخفاء معايبهم عن أعين الأمة، فكانوا يستخدمون الرقابة على النشر ليخلعوا على الحرام ثوب الحلال، وعلى الوزر رداء الفخر، حتى يكسبوا في وقت واحد حرام المتعة وحلال السمعة! وأخيراً: لذلك ستواجه أي لجنة صعوبة في التحقيق ضد المتهمين، وذلك لأن بعض الموظفين أنفسهم، الذين عاونوهم أو يسروا لهم السبيل كرها أو طوعاً، كانوا يتحاشون الإفضاء إلى لجان التحقيق بتفصيل ما وقع منهم أو مرّ عليهم من تصرفات شاذة محوطة بالريبة والشكوك، وفعال للمسؤولية ومظنة العقاب. وكذلك الحال في ما يختص ببعض البنود التي اتصلت مصالحهم الخاصة من قريب أو من بعيد بهذه المساوئ، فقد كان الكثيرون منهم يحجمون عن الإدلاء بمعلوماتهم الصريحة عما اقترفه بعض ذوي النفوذ من جرائم أو ما ارتكبوه من آثام ضد أو نزاهة التعامل، خشية الاضرار بمصالحهم الخاصة أو التعرض للأذى، أيا كان مصدره! تتبدل الأزمنة بشخوصها، ولكن الجريمة هي التي تتشابه في الأزمان كلها، فهؤلاء الناس لا يجدون سبيلا إلى الثراء والتزيد منه إلا من حطام الفقراء أو المحرومين، ومن المال العام الذي هو مال الشعب كله.. هؤلاء إلى الشبع والنهم في المال الذي هو ليس مالهم بأي صورة من الصور، حتى لو زين المحتالون لهم أحواله.. عميت أبصار هؤلاء، ويعتقدون أنهم إذا أفلتوا من الأحكام الأرضية سيفلتون من أحكام السماء، التي تأخذهم ومن نزل من ذريتهم ومن علا من قرابتهم، ولن تفلتهم بأي حال من الأحوال، وهو ما نشاهد ممن أخزاهم الله وفضحهم على الملأ.. والله المستعان. • المنافق: ذئب تراه مصــليا فإذا مررت بـه ركع يدعو وجل دعائه ما للفريسة لا تقع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى