
النقاش حول قانون منع الاختلاط مازال حامياً منذ أن طُبّق قبل سنوات والى اليوم. فما هو الرأي حوله؟
لا أخفيكم سراً أنني كنت من المؤيدين انطلاقاً من الزاوية الشرعية ومازلت. لكن مخالفتي لـ«قانون» منع الاختلاط اليوم بسبب كيفية التطبيق لا «أصل» حكم منع الاختلاط الشرعي. دعوني أشرح لكم أكثر.
كلنا يعرف أن الدين الإسلامي منع الاختلاط، فهذا المقدار لا غبار حوله. لهذا لا أحد يجادل في ما ذهب إليه النائب الدكتور عبدالرحمن الجيران عن الرأي الشرعي في المسألة. إلا أن الاختلاف يكمن في كيفية تطبيقه: فهل المحذور الشرعي من الاختلاط يقع في القاعة الدراسية بحيث يجب الفصل بين الجنسين، وبالتالي ضرورة تخصيص كليات وقاعات وشعب دراسية لكل جنس؟
طبعا الحكومة كي تبرر رفع القانون الحالي تقول بأن الاختلاط لابد منه بسبب الكلفة الاقتصادية لقانون المنع وتترك الشق الشرعي مهملاً، ومن ثم يظل الجواب عند الإسلاميين طبعاً الرفض والإصرار عليه. لذلك يجب أن ينصرف الجواب إلى توضيح معنى الاختلاط الشرعي، وما إن كان يتحقق الاختلاط المُحرم في داخل القاعة التدريسية أم لا؟
يجيب موقع «اسلام ويب» عن الاختلاط بأنه الاجتماع بين النساء والرجال، والمحرم منه هو ذاك الذي لا يراعي الضوابط الشرعية فقط، «وهو مما قد يكون سببا إلى الفاحشة والعياذ بالله» بحسب قول الموقع (فتوى رقم 35079). فلاحظ أن الفتوى هذه تتحدث عن نوع من أنواع الاختلاط ألا وهو المحرم، ما يعني أنه يوجد أنواع أخرى غير محرمة. فمن الفتوى نقول إن الاختلاط يمكن أن يكون غير محرم عندما تُراعى الضوابط الشرعية.
طيب افترض أن الضوابط الشرعية مرعية، لكن مع ذلك حصلت الفاحشة، فهل الاختلاط يصبح الجاني ومحرماً؟ الجواب بطبيعة الحال لا. لان هذا ما لم تقله الفتوى كما أن هذا ما يمكن حصوله في كل مكان، لا فقط في الفصل الدراسي.
ثم هل كل امرأة غير محجبة تختلط بالرجال تتسبب دائماً بالفاحشة، بغض النظر عن طبيعة العمل والمحيط الذي حصل به هذه الاختلاط؟ اقصد، هل محيط العمل والدراسة منطقيا هو الجو الملائم لتحصل الفواحش؟ مضافا لذلك، أليس الاختلاط الموجود في الفصل الدراسي هو مثله ما يحصل في ساحات الأسواق العامة وساحات العمل؟ فإن كان الاختلاط هناك موجوداً ولا شيء فيه، فما الداعي للاستشكال هنا؟!
نعم يتبقى أمر واحد وهو أن الاختلاط المشبوه أو المحرم هو الذي يوفر جواً ملائما لظهور مقدمات الفاحشة، ولكن هذا لا يحصل في داخل القاعة الدراسية حيث الانفصال بين الجنسين مازال موجوداً منذ تأسيس الجامعة، كما أن الجو الأكاديمي لا يكون محيطاً ملائماً لحدوث هذه المحاذير. بل الأصل في قاعات التدريس الاحتشام والاحترام المتبادل ولا وجود لمظاهر الانحراف كما يشي بذلك القانون أو من يقف وراءه من الإسلاميين.