Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
آراءخبر عاجلدولي

صقر يكتب : اسطورة الطوفان

محمود صقر
م . محمود صقر

قلم : مهندس / محمود صقر                                                                                           

 تقول الأسطورة اليونانية إن ” زوس ” كبير آلهة اليونان قرر إفناء البشر بالطوفان عقاباً لهم على تفشي الظلم ، واختار رجلاً صالحاً وامرأةً صالحة ليستثنيهما من الغرق وليبدأ بهما ذرية صالحة لعمارة الأرض .

وجاء الطوفان ومحي المجتمع الظالم ، ثم أوحى “زوس” للرجل والمرأة أن يأخذا من أمهما الأرض بعض الحجارة ويقذفا بها من خلف ظهرهما ، وما سقط من حجارة الرجل على الأرض أنبتت رجالاً ، وما سقط من حجارة المرأة أنبتت نساءًوبدأت حياة جديدة صالحة خالية من الظلم.


هذه هي الأسطورة ، والأساطير هي ثمرة من ثمار الفكر الإنساني يعبر عن طموح الإنسان وأشواقه وأحلامه في صورتها البِكْر.


فلماذا يصل الفكر الإنساني إلى اختيار الطوفان كأحد الحلول لإنشاء مجتمع بديل لمجتمع تفشى فيه الظلم على ما في الطوفان من دمار وخراب ومآسي لاتستثني ظالماً ولا مظلوماً.؟!
انه شعور عجيب، خليط بين الحب و الكراهية .. بين القوة والعجز .. بين الأمل واليأس.


شعور يمزق الإنسان الحر بين حب العدل، وكراهية الظلم .. بين قوة الغضب ضد الظلم، والعجز عن تحقيق العدل .. بين الأمل في مستقبل أفضل، واليأس من الوصول إليه.


شعور دفع نبي من أنبياء الله إلي أن يدعو بخراب ودمار الأرض:( رب لاتذر علي الأرض من الكافرين ديارا…)


شعور يدفع بعض المواطنين في العالم العربي للفرح بحدوث كارثة بيئية أو حادثة مروعة قد يموت هو نفسه أو يمرض أو تهلك ممتلكاته من آثارها، فقط لأنه يأمل أنها تحدث ثقباً في سد الظلم والطغيان الذي يوقف سريان ماء تطهير هذا الظلم والطغيان.


علي من يقع اللوم .. علي سيدنا نوح الذي دعا قومه ليلا ونهارا فلم يزدهم دعاءه إلا فراراً من دعوة الحق.؟؟!!


أم علي هؤلاء الظالمين الذين سخروا منه وآذوه وأقامو السدود للصد عن دعوته.؟؟!!


جاءت ثورات الربيع العربي لتحدث ثقبا في جدار الفساد والطغيان الذي يمنع سريان ماء التغيير والتطهير، ثم سرعان ماجمع أهل الفساد صفوفهم لترميم السد.
ويبقي المجتمع تماماً كجسم الإنسان إذا انسدت الشرايين علا ضغط الدم، وإذا تم إهمال الضغط يحدث الانفجار في المخ.


وهكذا المجتمع إذا أقيمت السدود في طريق سريانه في مجري التاريخ، فإما أن يركد ويأسن ويتعفن، أو يحطم السدود ويعم الطوفان.


ويظل حلم الإنسان الحر في مجتمع الحرية والعدل أقوي من الطوفان.


أو كما تقول الأسطورة، بأن الأرض بعد الطوفان ستنبت رجالاً ونساءاً صالحين لعمارة الأرض من جديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى