
عبدالمحسن يوسف جمال:

بعيداً عن أنواع الازمات السياسية والامنية في منطقة الخليج، فإن الامن الغذائي يشكّل أزمة حقيقية لا بد من مواجهتها بكل جدية. فدولنا الخليجية تعتمد بنسبة كبيرة جدا على استيراد حاجياتها الغذائية من الخارج، حيث تصل النسبة الى %90، ولذلك فإننا في مواجهة أمرين صعبين، أحدهما شح هذه السلع الغذائية والآخر ارتفاع اسعارها.وعلى الرغم من توافر السيولة لدى المواطن الخليجي فإن ارتفاع الاسعار اصبح ظاهرة مرهقة للأسرة الخليجية، خاصة مع التضخم الاقتصادي الذي تشهده دولنا.ولقد حان الوقت لنشمّ.ر عن ساعد الجد، ونواجه هذه المشكلة الحقيقية، ونخصص جانبا من تفكيرنا لهذا الامر.لقد لجأت الدول الخليجية الى حل الجزء الأكبر من هذه القضية عن طريق الاستثمار الغذائي في الدول الأخرى في المجالات الزراعية والثروة الحيوانية والسمكية، وهو حل جيد الى درجة كبيرة لكنه ليس الحل الامثل، فالمطلوب بالدرجة الاولى هو العمل على توفير الامن الغذائي داخل حدود دولنا نفسها، تجنّبا لأي عقبات قد تحول دون امكانية وصول السلع الغذائية إلينا بسبب او آخر.
ولعل اهمية استثمار ذلك في الدولة نفسها، سواء على المستويين الزراعي او الحيواني، هو الامر المطلوب وذلك بتوفير الاراضي للمهتمين بذلك.
وقد يقول قائل إن ذلك معمول به منذ زمن في الكويت على سبيل المثال. الا ان النتائج لم تكن مشجعة، حيث ان اغلب هذه القسائم والاراضي الموزعة لم تستثمر بالنشاط المخصص لها.
ومع ان بعض المواطنين قد نجحوا نجاحا كبيرا في هذا النوع من الاستثمار الغذائي والحيواني والسمكي، الا ان السؤال ما زال قائما عن الشريحة الكبرى.
ولعل الوقت حان لعقد المؤتمرات العلمية والاقتصادية وإجراء البحوث الجادة لإيجاد الحلول الناجعة لحل هذه المشكلة التي ستواجه اجيالنا القادمة بدرجة اكبر ما نحن عليه الآن.
كما ان المطلوب من مجلس الامة وغرفة التجارة ومعهد الابحاث والجهات الحكومية الخاصة بالثروة الحيوانية والزراعية والقطاع الخاص المستثمر في هذا المجال، العمل معًا، مع تكاتف الجهود على المستويين الاقليمي والعالمي، للوصول الى نتائج عملية سريعة. حيث ان الامن الغذائي هو جزء مهم من الامن القومي كما يعرف ذلك المهتمون بالأمن الاستراتيجي للدول الحديثة، وبالأخص شحيحة الموارد الغذائية والحيوانية، مع شكرنا وتقديرنا لكل المهتمين بهذا الشأن.