
بعد ان شعر الناس، كل الناس، بخطر الايديولوجية الغريبة التي تطرحها تلك الحركات الارهابية، والتي تحاول السيطرة على مساحة من الاراضي السورية والعراقية وتعيث فيها فسادا وقتلا واغتصابا، وتزرع روح الكراهية والبغضاء بين السكان الآمنين، وتقسم المجتمع الواحد، الذي عاش قرونا متجانسا وموحدا، حسب فكرها الخاطئ الى شيع وفرق. وبعد ان انتقل خطرها عبر الحدود الى الدول الغربية. بعد كل ذلك بدأ الغرب يستجمع قواه وينتبه الى هذا الخطر الايديولوجي الذي بدأ يعيث فسادا وقتلا في شوارعه. ولعل خطاب وزيرة الداخلية البريطانية تريزا ماي الذي جاء في اجتماع عام ردا على ما حدث من الارهابيين في فرنسا، خير دليل. لقد بدأت بالتعريف بهذه الجماعات الارهابية مفرقة بينها وبين الدين الاسلامي الحنيف الذي يعرفه الناس ويقرأون عنه. فهي تستشهد بالقرآن الكريم، الذي يدعو البشر الى التعارف والتعاون فيما بينهم من مختلف الشعوب والفئات. والقرآن الذي يرفض اكراه الآخرين او اجبارهم على تبني معتقد لا يريدونه، في طرح راق لمفهوم حرية الاعتقاد الذي جاءت به مواثيق حقوق الانسان لاحقا. تصر الوزيرة البريطانية على احترام المسلمين في بلدها وترفض مفهوم الكراهية الذي يأتي به هؤلاء الذين لا علاقة لهم بأي دين. وتنبه الناس ان هؤلاء جاءوا ليقسموا المجتمعات ويفرقوا بين البشر ويزرعوا الفتن، وان المجتمعات الغربية بدأت تفرق بينهم وبين المسلمين الصادقين ومنهم مواطنون في اوروبا عاشوا عقودا بأمن وأمان وخدموا بلادهم الجديدة التي اعطتهم جنسيتها بعد ان هاجروا اليها من اوطانهم الاصلية، وانه لأمر جيد ان يفرق الناس بين الاسلام بسماحته ومبادئه السامية وبين هذه الفئة الخارجة عنه، التي جاءت بافكار خارجة عنه لتشيع البغضاء والكراهية بين البشر لانها تكره الناس كل الناس. إذا استوعب الغرب خطورة هذه الفئات فانها الخطوة الصحيحة لقطع روافد امدادهم واغلاق الطرق عن مساعدتهم والحزم مع الدول التي تساعدهم. هذه الصحوة الاوروبية، وان جاءت متأخرة، لكنها ستكون عامل ردع لمن يريد من العرب استخدام مفهوم «الغاية تبرر الوسيلة» في التعامل مع الارهاب الذي يبدأ في دولنا ثم يصدّر لهم.