
الاستجوابات تُعتبر فرصة للوزراء، كي يثبتوا للنواب وللرأي العام ما يقومون به من اصلاحات وانجازات. فحين يقف الوزير على المنصة يُعطى الحق دستوريا بالحديث طويلا لإثبات موقفه وعرض الوثائق والبراهين أمام الجميع.إذاً، فالسؤال هنا: ما الذي يدفع بعض الوزراء الى التفريط في هذه الفرصة التاريخية فلا يستغلونها في مصلحتهم؟! بل انهم ما ان يُوجّه اليهم استجوابٌ، مهما كان اعتياديا او سؤالا بسيطا، حتى يسارعوا بتقديم استقالتهم ويغادروا بسرعة مسرح السياسة! أيعقل ان الوزير، المفترض انه «رجل دولة» يعجز عن ان يرد على نائب يوجه اليه سؤالا في صميم عمله ويعطيه فرصة للرد والشرح والتوضيح؟!هذا التساؤل سمعته من اكثر من شخص قابلته في الدواوين او اي مكان آخر.وهأنذا، أطرح هذا السؤال وأحاول ان أجيب عنه لعلي أشارك القرّاء الكرام لفهم بعض الأمور الغامضة.
لعل اول الامور ان اختيار الوزراء لا يتم أحيانا، من خلال ضوابط معينة تنظر الى قدرتهم السياسية او تجربتهم، بقدر ما تنظر الى امور اخرى، منها بعض الموازنات السياسية.
ان الوزير يقبل الحقيبة الوزارية، وفي فهمه انه سيعمل بهدوء ومن دون ضجة، ولن يمسه أحد.
فإن وجد نفسه في ظروف سياسية صعبة لم يتعود عليها فإنه لا يملك الا الانسحاب.
او ان البعض بالفعل قد وقعوا في اخطاء وارتكبوا أفعالا غير قانونية، لذلك لا يستطيعون الدفاع عنها، فما ان تسلط عليهم الاضواء حتى يسارعوا الى تقديم استقالاتهم، من باب الانسحاب بهدوء!
كما ان هناك من يرى انه يُترك وحيداً ومكشوفاً في الساحة السياسية من دون غطاء سياسي، فلا يجد حلا الا الاستقالة.
ولكن أيّاً كان المبرر فإنه ينبغي على الوزير قبل الاستقالة أن يصعد إلى المنصة ويدافع عن نفسه، ولو من باب الموقف التاريخي، ثم يستقيل. فان ذلك أفضل من الانسحاب من الرد، خاصة ان جلسة الاستجواب يمكن ان تكون جلسة الوداع السياسي، ولكن بعد أن يبيّن موقفه لمواطنيه.