آراءدولي

جمال : العنف أداة الضعيف

عبدالمحسن يوسف جمال يكتب:عبدالمحسن-يوسف-جمال

من القوي؟سؤال يطرحه كثير من العلماء بمختلف التوجُّهات النفسية والاجتماعية والسياسية والعقائدية. وهو سؤال يفتح الباب لحوار متشعّب في كثير من المناحي, وسنبدأ بإجابة رسول الرحمة، صلى الله عليه وآله، الذي قال: «ليس الشديد بالصرعة، ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب»وهذا الحديث هو فلسفة حياة للأفراد والأمم، ولأهل السياسة بالدرجة الاولى.وحين يقارن العقلاء بين عضلات المصارع وحكمة الحكيم، يتبين لهم معنى هذا الحديث وعمقه الحضاري وأهميته في ادارة البشر.
ووصل الحكماء في تجاربهم الى ان الضعيف هو الذي يلجأ الى استخدام العنف والسلاح، والقوي هو الذي يستخدم المنطق والحكمة والحوار.
ولذلك، فإن مبادئ السياسة حين نمت واصبحت علما يدرس وفكرا يتبنى استندت في الاساس الى قوة الحجة واللجوء الى الحوار المنطقي، والقدرة على الاقناع.
وعلى هذا الأساس تشكَّلت هيئة الأمم المتحدة عام 1945 التي قدمت سياسة الحوار، بدلا من الحروب والمعارك، وتشكلت هيئات ومنظمات هدفها اشاعة الامن والسلم في هذا العالم، وكبح ايدي التوّاقين للحروب وسفك دماء البشر.
من كل ذلك، من الممكن قياس القدرة السياسية لحكومات العالم المختلفة وتقييم قوتها وقدرتها على التعامل مع الاحداث.
فالحروب لم تعد حلاً في اغلب المشاكل العالمية، بل أصبحت الامم المتحدة، التي زاد هامش تدخلها في الأحداث مؤخرا، تلجأ الى الحلول التي تعتمد على الحوار واستخدام الاقناع السياسي في حل المشاكل بين الدول.
ولعل دولة الكويت، التي برز اسمها بعد التحرير كدولة محبة للسلام وداعية اليه، هي أحد نماذج الدول ذات المساحة الصغيرة التي اكتسبت بُعداً عالمياً في اللجوء الى السلم واشاعته بين الدول، والسعي الانساني لخدمة الانسان اينما وجد، ناهيك عن دينه او اصله او جنسه، وبذلك اكتسبت لقب دولة الانسانية.
وهذا دليل على ان المكانة المتحضرة والراقية بين الامم لا تؤخذ باشعال الحروب واستعراض القوة، بل بالمنطق والحكمة والعمل الانساني.
احداث الشرق الاوسط والمنطقة، التي أخذت تتصاعد في اكثر من اتجاه، تحتاج بالفعل الى قدرة فائقة وحكمة استثنائية لتوجيهها الى المسلك الصحيح بعيدا عن صيحات الحروب ونداءات الدمار التي أنهكت شعوب المنطقة في العقود الاخيرة، ونالت الكويت نصيباً منها.
الدعوة الى السلام والتعقل أصبحت مطلب العقلاء في كل مكان ومطلب الأمم المتحدة، وكل المنظمات الإنسانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى