
د. عبدالمحسن يوسف جمال
ما أحدثه تنظيم داعش الإرهابي، لكونه يتقمّص الإسلام كأيديولوجية له، ومن خلاله يرتكب المحرمات وينتهك المقدّسات، أحدث ردَّ فعلٍ سلبياً لدى الشعوب الأوروبية، وتوجُّساً من الاسلام والخوف من انتشاره في بلادهم.
ولو أخذنا ألمانيا مثالاً لذلك، فإن ما يحدث فيها من تظاهرات اسبوعية ضد المسلمين بدأ يلفت النظر ويشكل أول ردّ فعلٍ شعبي ضد الاسلام والمسلمين. فالتظاهرات تطالب بمنع المسلمين من الهجرة الى المانيا وعدم اعطائهم حق اللجوء.
وفي برنامجها المميز في قناة cnn استضافت المذيعة كريستيان امانبور، وزير الداخلية الالماني، الذي تحدث عن هذه التظاهرات وبين ان الحكومة ضدها، لانها تقوي التيارات والاحزاب اليمينية المتطرفة التي بدأت تقوى في المانيا وتقف ضد هجرة المسلمين والاجانب بشكل عام.
وهذا قد يدعو الى عودة التعصّب العنصري الى ألمانيا من جديد، وقد يقوي النزعة «الهتلرية» مع ان الوزير الالماني خفف من ذلك، مبينا ان التظاهرات لن تخرج عن الخطوط الحمراء.
ما يقوم به «داعش» واخواته المنحرفون عن الاسلام والخلق القويم هو تشويه منظّم للدين الاسلامي ينفّر المسلمين، ناهيك عن غيرهم. وبالتالي لابد من العرب والمسلمين الاتحاد ضد هذا التوجه الجاهلي، الذي لم يدع أحداً إلا كفّره وحاربه.
اليوم المطلوب من العقلاء، وبالأخص المعارضة السورية المعتدلة، التعاون مع المبادرة الروسية المدعومة دوليا، للتفاهم مع الحكومة لوضع نهج سياسي سلمي جديد لمحاربة هذه القوى المتطرفة التي شوّهت حقيقة الدين وأعطت صورة مشوهة للعرب.
على السوريين ان يدركوا جيدا أن لا أحد يمكنه ان يحل مشكلتهم الا تضامنهم وابتعادهم عن الانانية والعصبية والجلوس على طاولة الحوار من دون تدخّل اجنبي. عندها يمكن التفاهم بين القوى المتنافسة وجيشهم الوطني للحفاظ على ما تبقى من بلدهم وامنه وامانه، بدلا من ترك شُذَّاذ الآفاق يستنزفون قواهم يوما بعد يوم واتخاذهم الدين الحنيف مطية لافكارهم الخارجة عن الشرع والقانون. فالمقاتلون الاجانب لا تهمهم سوريا كبلد ولا الشعب السوري بقدر ما يهمهم استنزافهم له وتحقيق احلامهم الخبيثة ضد الشعوب العربية كلها.