آراءدولي

فرزات: داعش والبطيخة السورية

عدنان فرزات
عدنان فرزات

عدنان فرزات – القبس:

يصير من الصعب هزيمة التنظيم إذا حوّل توجهاته القتالية إلى أفكار عقائدية أو ايديولوجية. في هذه الحالة أنت تحارب شيئاً غير مرئي ولا ملموساً، ووصوله سهل إلى أي بلد في العالم من دون أن تكتشفه أجهزة المطارات، لأنه على شكل أفكار واعتقادات، أي تماماً مثلما لو أنك نثرت كمية هائلة من الخرز في مساحة رملية واسعة، فسوف تكون عملية العثور عليها أصعب، ما لو كانت منظومة في خيط واحد.

ولذلك، فإن العملية العسكرية التي تفكر فيها اليوم الولايات المتحدة الأميركية بالتعاون مع حلفاء آخرين، ضد الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، تقوم على تجميع حبات الخرز هذه في خيط واحد، أو بمفهوم آخر، اتبعت أميركا والغرب طريقة «البطيخة» في اصطياد «داعش»، وهذه الطريقة تتمثل في أن أهالي بعض المناطق الشرقية في سوريا على نهر الفرات، وتحديداً في مدينة دير الزور، يتبعون حيلة لضمان تجميع أكبر قدر ممكن من الأسماك في مساحة صغيرة واحدة ثم اصطيادها، حيث يأتي الصياد ببطيخة حمراء مكسورة، ويثبتها بمكان قريب من شاطئ النهر، فتهجم الأسماك على شكل أسراب لتأكل من هذه البطيخة، فيقوم الصياد بإلقاء إصبع ديناميت فوقها، فيحصل عليها مجتمعة بعد أن كان يصعب عليه التقاطها وهي متناثرة في أرجاء النهر.

والخطة هذه تشبه الإجراء الذي يتم اتباعه حالياً مع «داعش»، فقد كانت عناصره متناثرة في شتى البلاد، بما فيها الولايات الأميركية والغرب، فوفق البروفيسور بيتر نويمان، مدير المركز الدولي لدراسة التطرف بــ «كينغز كولدج» في لندن، يوجد ما يزيد على 12 ألف مقاتل من 74 دولة أجنبية، ولأن عدداً كبيراً من هذه الجنسيات يتواجد اليوم في القرى والأرياف السورية، فإن العالم كله أصبح «قرية سورية كونية صغيرة».

وكان من الصعب على هذه الدول أن تكتشف المنتمين على أراضيها إلى هذا التنظيم فكرياً، حيث لا يمكن لها أن تقرأ أفكار الملايين. لذلك، فكان أفضل طريقة لاكتشافهم وجعلهم يطفون على السطح هي التلويح لهم بحلم الدولة الإسلامية والخلافة وأرض الجهاد، وبذلك فهي ضمنت خروجهم من أراضيها أولاً، ثم قتلتهم في مكان بعيد عنها بما يحول دون مطالبة منظمات حقوق الإنسان بمهاجمة الحكومة والمطالبة بمحاكمتها. وهرع الحالمون إلى «أرض الجهاد» التي تم تسهيل الوصول إليها رغم كل الصعوبات المستحيلة أحياناً في السفر، فإذا كان سفر الشخص بشكل نظامي أصبح من المعجزات اليوم بسبب الإجراءات المتبعة أمنياً، فكيف لمئات الأشخاص الذاهبين إلى القتال في «أرض الجهاد» لا يتم اكتشفاهم؟! خصوصاً أن من بينهم شخصيات يفترض أنها وجوه معروفة إلى حد ما، مثل مغني الراب الألماني الجنسية دنيس كوسبرت، والذي أصبح اسمه في ما بعد أبو طلحة، وأيضاً مغني الراب البريطاني الجنسية الملقب بــ L Jinny or Lyricist Jinn.

ولأن الغرب استنسخ طريقة أهالي الشرق السوري في الصيد، فمن باب الأمانة عليهم أن يسموا عمليتهم المقبلة ضد «داعش» بعملية البطيخة السورية!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى