حقوقيون وصحفيون يوثقون جرائم إسرائيل أمام “محكمة غزة”

في قاعة مؤتمرات جامعة إسطنبول، اجتمع الحقوقيون والصحفيون من مختلف أنحاء العالم لتقديم شهاداتهم وأدلّتهم حول ما وصفوه بـ”الجرائم الإسرائيلية” في قطاع غزة.
كانت أجواء اليوم الثالث من “الجلسة النهائية لمحكمة غزة” مشحونة بالتركيز على تفاصيل الانتهاكات، وسط متابعة دقيقة من المقرر الأممي السابق المعني بفلسطين ريتشارد فولك، الذي ترأس الجلسة.
تجميع الأدلة والشهادات
منصة وتنس آي Witness Eye المستقلة، التي أطلقها صحفيون لتوثيق شهادات الفلسطينيين رقميًا، عرضت جهودها على مدى العامين الماضيين، حيث جمع الفريق أكثر من 100 شاهد وفيديو رقمي وأدلة موثّقة.
وأكد ممثلو المنصة أن حفظ الأدلة الرقمية يمثل خطوة أساسية لضمان إمكانية الرجوع إليها في أي تحقيقات أو ملاحقات مستقبلية.
وفي الوقت نفسه، قدمت جمعية حقوق الإنسان والتضامن مع المظلومين التركية شهادات توثق الانتهاكات، مؤكدين أن الشهادات الفردية والجماعية تشكّل دعامة رئيسية للمحاسبة الدولية.
أما الاتحاد الدولي للحقوقيين، فقدم 13 تقريرًا تفصيليًا جمعت على مدى 700 يوم، شملت ما لا يقل عن 250 جريمة ارتكبت بحق الصحفيين وحدهم، بالإضافة إلى سلسلة من الانتهاكات ضد المدنيين والمؤسسات في غزة.
الأرقام المأساوية
توضح الأدلة أن إسرائيل، منذ 8 أكتوبر 2023، نفذت عمليات عسكرية خلفت 68,519 قتيلًا و170,382 مصابًا، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى دمار طال 90٪ من البنى التحتية المدنية.
وكان ممثل الاتحاد الدولي للحقوقيين صريحًا، مؤكدًا أن ما حدث يشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وأن “المسؤولية لا تقع على إسرائيل وحدها، بل على الإنسانية جمعاء”.
الجانب الرمزي للمحكمة
رغم أن “محكمة غزة” لا تمتلك صفة قضائية رسمية، إلا أنها تجسد منصة دولية للضغط والمساءلة، حيث تمكّن الأكاديميين والحقوقيين والصحفيين من تقديم شهاداتهم وعرض الأدلة أمام جمهور دولي، وتسلط الضوء على إخفاق المجتمع الدولي في حماية المدنيين وتطبيق القانون الدولي الإنساني.
تتيح هذه المنصة توثيق الأحداث بشكل منهجي، وتعطي صوتًا للضحايا في غزة، وتضع أمام الرأي العام العالمي الحقائق المدعومة بالأدلة، بعيدًا عن الدعاية السياسية.
توجهات المرحلة المقبلة
من المتوقع أن تصدر المحكمة قرارها النهائي يوم الأحد 26 أكتوبر 2025، والذي سيكون بمثابة توثيق رسمي للانتهاكات والجرائم الإسرائيلية، ويشكل قاعدة لإجراءات ضغط دولية محتملة أو ملاحقات قانونية مستقبلية.
كما يواصل الصحفيون والحقوقيون جهودهم في جمع الأدلة الرقمية والشهادات الميدانية، لضمان اكتمال الملفات وتقديمها للجهات المعنية دوليًا، بما يعزز مصداقية الإجراءات الرمزية والتحليلية للمحكمة.
خاتمة
محكمة غزة تمثل أكثر من مجرد جلسة توثيقية؛ إنها صرخة للعدالة وللضمير العالمي، وسعي جماعي لتسجيل الجرائم وتأكيد المساءلة الدولية في ظل غياب فعالية المجتمع الدولي تجاه ما يحدث في القطاع.
في هذه القاعة بإسطنبول، يقف الحقوقيون والصحفيون كـ شهود على مأساة إنسانية مستمرة، مؤكدين أن العدالة قد تبدأ من التوثيق قبل أن تصل إلى أي محكمة رسمية.



