حلف الفجور الغربي الإيراني…أمن الخليج مهدد


تقرير حماك (خاص)
رغم إتمام الاتفاق النهائي للبرنامج النووي الإيراني منتصف يونية 2015 في سويسرا، لكن تأثيرات كبيرة على الشرق الأوسط ، بدأت تتكشف يوما بعد آخر، حيث تُعد منطقة الخليج العربي من أكثر المناطق تأثراً بهذا الاتفاق والآثار الناتجة عنه
من خلال تسليط الضوء على الحالة الخليجية وتعاطيها مع الاتفاق والمخاوف التي تسيطر على دولها، يتضح ان هناك خيارات يمكن أن تقوم بها دول الخليج للتعامل بما فيها الخيار النووي، بالإضافة إلى تأثير الاتفاق على مواقف الطرف الإيراني والخليجي في الأزمات المختلفة التي تضرب المنطقة ولكل منهما فيها يد خفية أو ظاهرة فيها .
مخاوف مشروعة
مخاوف الخليجيين كثيرة رغم مطالبهم المتكررة قبل التوقيع بأن يتم تضمينهم في مفاوضات حل الأزمة النووية الإيرانية ليكون لديهم الفرصة لعرض وفرض مطالبهم والحصول على الضمانات اللازمة،بل وأعربت دول الخليج عن ترحيبها بالاتفاق النووي بين مجموعة (5+1)، وإيران ، لكن بالرغم من ذلك لم يتم الاستجابة لهم ، والذي يثير المخاوف الخليجية أكثر من ذلك هي حالة عدم الاقتناع التي يبديها الرئيس الأمريكي أوباما تجاه الخطر الإيراني على الخليجيين والتهوين منه من خلال ترديد مقولات أن الخطر الحقيقي على الخليجيين ربما لا ينبع من إيران وإنما من الداخل الخليجي
أول هذه المشكلات تتعلق باحتمالات استمرار إيران في اتباع سياسات توسعية في المنطقة ، وقد أعلى من أسهم هذا الاحتمال تزامن تصاعد أحداث الأزمة اليمنية والدور الإيراني الكبير فيها مع المراحل الدقيقة من المفاوضات، ما يعني أن الاتفاق لم يلعب دوراً مساهماً في كبح رغبات إيران في توسيع نفوذها بالمنطقة، خصوصاً من خلال دعم الجماعات الشيعية في الدول الأخرى كما حدث مع الحوثيين في اليمن
تعزيز رغبات
بدلاً من العمل على الحد من رغبات إيران التوسعية، يبدو أن الاتفاق دفع بالاتجاه المعاكس، أي تعزيز تلك الرغبات، وبالأخص مع الإفراج المُنتظر عن الأموال الإيرانية المُجمّدة في الخارج بعد رفع العقوبات ، حيث تخشى دول الخليج كثيراً من أن يتم استخدام هذه الأموال، التي تُقدّر بنحو 140 مليار دولار، في دعم محاولات الهيمنة الإيرانية في المنطقة، وهي محقة في ذلك
موقف السعودية كان واضحاً في هذا الشأن من خلال دعوة إيران لاستغلال مواردها في خدمة التنمية الداخلية بدل من إثارة القلاقل في المنطقة ، بمقدور إيران أن تحافظ على قدراتها السياسية ونفوذها في المنطقة، بل وتعزيز هذا النفوذ وتضمين مناطق أخرى جديدة لم تكن تقليدياً خاضعة للنفوذ الإيراني مثل اليمن، بالرغم من كل العقوبات التي فُرِضت عليها والآثار الاقتصادية والاجتماعية العميقة التي نتجت عن تلك العقوبات، فبعد كل ذلك ألا تستطيع إيران مع الإفراج عن أموالها، بعد رفع العقوبات، وكذلك خفض الضغوطات الأمريكية الأوروبية عليها، أن تعزز سياساتها التوسعية؟
تراجع الدور الاميركي
هذه التخوّفات تتضاعف مع استمرار ظهور المؤشرات على تراجع الدور الأمريكي في المنطقة، وهو الحليف الإستراتيجي الأول والضامن الأساسي لأمن الخليج، منذ تولي أوباما رئاسة الولايات المتحدة وسحبه للقوات الأمريكية من العراق في نهاية 2011 وترك الميدان فارغاً لإيران لبسط نفوذها بشكل تام على البلاد

العقوبات الاقتصادية الخانقة رفعت عن إيران بعد أن أقرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران خفضت من أنشطتها النووية الحساسة ، بينما يقول البيت الأبيض إن الاتفاق سيمنع إيران من الحصول على قنبلة نووية تؤكد إيران احقيتها في الطاقة النووية، وتؤكد على أن برنامجها النووي موجه فقط للأغراض السلمية ، بموجب الاتفاق، سيخفض مخزون إيران من اليورانيوم بنحو 98 في المئة لمدة 15 عاما
لم تُعلن دول الخليج أي موقف رسمي من تطورات الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة “5+1″، لكن القلق وعدم الرضى عن الاتفاق الذي يمنح إيران حق تخزين اليورانيوم المخصب على أراضيها واضحان، خصوصاً أنه يمنح إيران كامل الحقوق بعد 15 عاماً، بحسب ما يرى محللون خليجيون .
في محاولة لتطمين المخاوف الخليجية أكدت واشنطن أن أي اتفاق مع إيران سوف يضمن عدم حصولها على سلاح نووي لكن التأكيدات بالتزام واشنطن بأمن دول الخليج لم تكن كافية، في ظل ما رشح من بنود الاتفاق .
السعودية تفكر جدّياً في تفعيل برنامجها النووي في مقابل الاتفاق النووي الإيراني، وقد تعمل من أجل الحصول على المنشآت والتقنيات والمقدار المسموح به لتخصيب اليورانيوم وعدد أجهزة الطرد المركزي الذي حصلت عليه إيران .
تحرك سعودي
التوجّه السعودي هذا لا يبدو مفاجئاً، إذ إنّ المدير السابق للاستخبارات السعودية، الأمير تركي الفيصل، كان قد أعلن صراحة أن السعودية ستسعى للحصول على نفس الحق الذي تمنحه القوى العالمية الكبرى لإيران
واستبقت السعودية الاتفاق النووي بالبدء بخطوات جدّية في تفعيل برنامجها النووي، لكن لأغراض سلمية. وبدأت في عام 2009 في التخطيط لتطوير الطاقة الذرية لتلبية المتطلبات المتزايدة للسعودية، من أجل الحصول على الطاقة اللازمة لتوليد الكهرباء وإنتاج المياه المحلاة وتقليل الاعتماد على استهلاك الموارد الهيدروكربونية
وجرى الإعلان في عام 2011 عن خطط لإنشاء ستة عشر مفاعلاً للطاقة النووية على مدى العشرين عاماً المقبلة، بتكلفة تبلغ أكثر من 80 مليار دولار. وتقوم هذه المفاعلات بتوليد ما يقرب من 20 في المائة من الكهرباء في السعودية
رغم أنّ مشاريع المملكة النووية تصبّ في الإطار السلمي، فإنّ السماح لإيران بامتلاك القدرة على تصنيع السلاح النووي على المدى البعيد، يهدّد بإطلاق سباق تسلّح نووي في المنطقة
الاتفاق النووي بشكله المعلن لا يحفظ أمن الخليج على المدى الطويل، كان يجب ألا تكون هناك قدرة لإيران على تخصيب اليورانيوم، لكي لا تكون هناك إمكانية لعسكرة البرنامج مستقبلاً الاتفاق المعلن يؤجل المشروع ولكن لا يمنعه
أعطى الاتفاق مدة زمنية من 10 سنوات إلى 15 سنة، يفترض خلالها أن تتغير العقلية الإيرانية ، لكن بعد هذه المدة لن يكون هناك أي التزام على إيران، على عكس العراق، الذي تم إلزامه بفترة مفتوحة؛ بينما يمكن لإيران أن تعود لنشاطها بعد نهاية الفترة الزمنية، إضافة إلى أن الاتفاق لا يمنع إيران من البحث والتطوير
“الأمر الآخر المهم يكمن في أن الاتفاق يشرع لمن يريد أن يطور برنامجاً نووياً بالكامل، الإمارات وقعت على اتفاقيه لا تسمح لها بتخزين اليورانيوم في وقت سُمح لإيران بذلك، وأُبقي برنامجها قائماً ، صحيح أن هناك تخفيضاً وشروطاً ورقابة عالية وقيوداً، ولكن البرنامج قائم من المنبع للمنجم للمفاعل لتخصيبه، إلى أن يتم استخدامه في الطاقة السلمية”. ويشدد بن صقر على أن كل ما حدث هو أن الاتفاق أجّل عسكرة البرنامج ولم يمنعه
لكن لماذا اجتهدت الولايات المتحدة والدول الكبرى من أجل الحصول على مثل هذا الاتفاق إن كان لا يمنع عسكرة البرنامج في النهاية؟ ، الرئيس الأميركي يريد أن يختم فترته الرئاسية بإنجاز يقول إنه يحققه
“الهدف من الاتفاق تجميد برنامج إيران النووي لعشر سنوات مقبلة، وهذا يتحقق لو كانت إيران ستلتزم به فعلاً، ويوقف سباق التسلح في المنطقة الذي نوشك على دخوله، ويجعل من إيران قوة معتدلة في المنطقة، ودول الخليج ستكون أول من يرحب به لكن أستبعد ذلك لأنه لا يمكن المراهنة على تلبية إيران لكل تعهداتها، إذا التزمت إيران في 10 سنوات أو 15 عاماً، عندها سيكون الوضع مختلفاً. نأمل أن تلتزم إيران بذلك لأنه بعد هذه المدة أمور كثيرة ستتغير في المنطقة
على دول الخليج أن تبدأ في تطوير برنامجها النووي كي تكون نداً لإيران في المنطقة ولو كان ذلك سيسبب في تحويل الخليج إلى منطقة نووية
إعداد : أحمد حسن