خلال الأسبوع الخليجي الموحد للنزلاء……نماء الخيرية تؤكد ريادة الكويت في الإصلاح
في مشهد يعكس نضج التجربة الخليجية في العمل الإصلاحي، وحرص دولة الكويت على ترسيخ البعد الإنساني في منظومة العدالة، احتضنت الإدارة العامة للمؤسسات الإصلاحية بوزارة الداخلية فعاليات الأسبوع الخليجي الموحد للنزلاء، بحضور رسمي وحقوقي ومجتمعي واسع، جسّد تكامل الأدوار بين المؤسسات الأمنية والحقوقية والمجتمع المدني، وأكد أن الإصلاح الحقيقي يبدأ من الإنسان وينتهي باستقرار المجتمع.
مناسبة خليجية برؤية إنسانية
ويُعد الأسبوع الخليجي الموحد للنزلاء مناسبة سنوية ذات دلالات عميقة، تهدف إلى تسليط الضوء على الجهود المبذولة في تطوير بيئات الإصلاح، وتعزيز برامج التأهيل، وتبادل الخبرات بين دول مجلس التعاون، بما ينسجم مع المعايير الحقوقية والإنسانية المعتمدة، ويعكس إيمانًا خليجيًا مشتركًا بأن النزيل ليس رقمًا في ملف، بل إنسان يستحق الرعاية والتمكين وفرصة جديدة للحياة.
وزارة الداخلية: الإصلاح مسؤولية وطنية وأخلاقية
وفي كلمة شاملة، أكد العميد أسامة الماجد مدير عام الإدارة العامة للمؤسسات الإصلاحية بالإنابة أن رؤية وزارة الداخلية تنطلق من قناعة راسخة بأن المؤسسات الإصلاحية ليست أماكن للعقاب فحسب، بل بيئات إصلاح وبناء وتقويم، مشددًا على أن رعاية النزيل وتأهيله تمثل مسؤولية وطنية وأخلاقية تسهم بشكل مباشر في تعزيز الأمن والاستقرار المجتمعي.
وأوضح أن دولة الكويت، بقيادة حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه، أرست نهجًا إنسانيًا ثابتًا يقوم على صون الكرامة الإنسانية وضمان الحقوق التي كفلها الدستور والقانون، وهو ما انعكس في التطوير الشامل لمنظومة العمل الإصلاحي، سواء على مستوى البنية التحتية أو البرامج أو الكوادر البشرية.
وأشار إلى أن وزارة الداخلية أولت اهتمامًا بالغًا بتحديث المؤسسات الإصلاحية، ورفع كفاءة العاملين فيها، وتفعيل برامج التأهيل النفسي والاجتماعي والتربوي والمهني، إيمانًا بأن العدالة لا تكتمل إلا بإعادة بناء الإنسان وتمكينه من العودة إلى المجتمع بصورة إيجابية.

وبيّن أن الإدارة العامة للمؤسسات الإصلاحية وفّرت حزمة متكاملة من البرامج التعليمية التي تشمل محو الأمية، والتعليم النظامي، والتعليم الجامعي عن بُعد، إلى جانب برامج التدريب المهني والحرفي، التي تهدف إلى إكساب النزلاء مهارات عملية تسهم في تعزيز اعتمادهم على أنفسهم بعد الإفراج عنهم، وتسهيل اندماجهم في سوق العمل والمجتمع.
كما تولي المؤسسات الإصلاحية اهتمامًا خاصًا بتقديم الرعاية الصحية المتكاملة، والدعم النفسي والاجتماعي، وتنفيذ البرامج الدينية والتوعوية التي تعزز مفاهيم الوسطية والاعتدال، وتسهم في تصحيح المفاهيم الخاطئة، بما يدعم مسار الإصلاح السلوكي والفكري للنزيل.
الديوان الوطني لحقوق الإنسان: شراكة قائمة على المعايير الدولية
من جهته، أكد زير المفوض أنس الشاهين، رئيس اللجنة الثلاثية لتسيير أعمال الديوان الوطني لحقوق الإنسان أن مشاركته في فعاليات الأسبوع الخليجي الموحد للنزلاء تأتي انطلاقًا من دوره الوطني في حماية وتعزيز حقوق الإنسان، لا سيما حقوق نزلاء المؤسسات الإصلاحية، مشددًا على أن هذه الفعالية تمثل نموذجًا متقدمًا للتكامل بين الجهات الأمنية والحقوقية والاجتماعية.
وأشاد الديوان بجهود الإدارة العامة للمؤسسات الإصلاحية في تطوير بيئة الإصلاح، مؤكدًا أن الشراكة المؤسسية بين الجهات الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني، والمؤسسات الأكاديمية، والقطاع الخاص، تمثل ركيزة أساسية لإنجاح برامج الإصلاح والتأهيل وتحقيق الاستدامة.
وفي هذا الإطار، شهدت الفعالية تكريم الجهات المانحة والداعمة للمشاريع الإنشائية داخل المؤسسات الإصلاحية، تقديرًا لإسهاماتها في تحسين جودة الخدمات المقدمة للنزلاء، وتعزيز البيئة الإنسانية داخل تلك المؤسسات، ضمن مظلة المبادرة الوطنية «ساندهم».
الأمم المتحدة: دعم دولي لنهج الإصلاح والفرصة الثانية
وأكد ممثل مكتب الأمم المتحدة في دولة الكويت ناصر الشطي أن مشاركة المنظمة في هذه الفعالية تعكس تقديرها للتجربة الكويتية الرائدة في مجال الإصلاح والتأهيل، مشيرًا إلى أن مبادرة «ساندنا وساندهم» تمثل نموذجًا وطنيًا يحتذى به في تعزيز الشراكة بين الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية.
وأوضح أن دعم الأمم المتحدة لهذه المبادرة يأتي انسجامًا مع القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا)، وأهداف التنمية المستدامة، ورؤية «كويت جديدة 2035» التي تضع الإنسان في صميم التنمية.
وشدد على أن البرامج التأهيلية المتكاملة أثبتت عالميًا فعاليتها في خفض معدلات العودة إلى الجريمة، وتعزيز الأمن المجتمعي، وترسيخ التماسك الاجتماعي، مؤكدًا التزام الأمم المتحدة بمواصلة الدعم الفني وتبادل الخبرات لتطوير هذه البرامج وفق أفضل الممارسات الدولية.
هذا وقد افتتحت نماء الخيرية بجمعية الإصلاح الاجتماعي على هامش الفعالية عدد من المشاريع داخل المؤسسات الإصلاحية وأكد نائب الرئيس التنفيذي لنماء الخيرية بجمعية الإصلاح الاجتماعي عبدالعزيز الكندري أن مشاركة نماء الخيرية في فعاليات الأسبوع الخليجي الموحد للنزلاء تأتي انطلاقًا من إيمانها العميق بأن العمل الخيري الحقيقي لا يقتصر على الدعم المادي، بل يمتد ليشمل بناء الإنسان، وتعزيز قدراته، وفتح نوافذ الأمل أمامه ليكون عنصرًا فاعلًا في مجتمعه.
وأوضح الكندري أن نماء الخيرية حرصت على أن تكون مساهمتها في هذه الفعالية نوعية وذات أثر مستدام، من خلال إنشاء ملاعب لكرة القدم تسهم في تعزيز الصحة البدنية والنفسية للنزلاء، وترسيخ قيم الانضباط والعمل الجماعي، إضافة إلى تنظيم المخيم الربيعي الذي وفّر بيئة إيجابية داعمة للنزلاء، وأسهم في كسر العزلة النفسية وبناء التوازن الاجتماعي.
وأشار إلى أن الورش الحرفية والمهنية التي أنشأتها نماء الخيرية على هامش الفعالية تمثل إحدى ركائز التأهيل العملي، حيث تهدف إلى إكساب النزلاء مهارات مهنية حقيقية تساعدهم على الاعتماد على أنفسهم بعد الإفراج، وتسهم في تسهيل اندماجهم الإيجابي في سوق العمل والمجتمع.
وأضاف الكندري أن وفد نماء الخيرية قام بزيارة مخيم السجن العمومي ومخيم النساء، والاطلاع عن قرب على احتياجات النزلاء والنزيلات، في خطوة تعكس حرص نماء على شمولية برامجها الإنسانية، ومراعاة الخصوصية الاجتماعية والنفسية لكافة الفئات، بما ينسجم مع رسالتها في دعم الكرامة الإنسانية دون تمييز.
وأكد أن هذه المشاركة تأتي ضمن شراكة فاعلة مع وزارة الداخلية والجهات المعنية، وضمن رؤية نماء الخيرية الهادفة إلى دعم برامج التأهيل والإصلاح، وتعزيز مفهوم «الفرصة الثانية»، مشددًا على أن تمكين النزيل هو استثمار حقيقي في أمن المجتمع واستقراره.
وختم الكندري تصريحه بالتأكيد على أن نماء الخيرية ستواصل دورها الريادي في دعم المبادرات الإصلاحية والإنسانية، والعمل جنبًا إلى جنب مع الشركاء، لترسيخ نهج يعيد بناء الإنسان ويصنع أثرًا إيجابيًا مستدامًا في المجتمع.
أكد سعد مرزوق العتيبي رئيس اتحاد الجمعيات والمبرات الخيرية أن فعاليات الأسبوع الخليجي الموحد للنزلاء تمثل محطة مهمة في مسار العمل الإصلاحي الخليجي المشترك، وتعكس وعي دول مجلس التعاون بأهمية تطوير منظومة التأهيل والرعاية داخل المؤسسات الإصلاحية، بما يرسخ البعد الإنساني، ويحفظ كرامة النزيل، ويعزز فرص إعادة دمجه في المجتمع.

وأوضح العتيبي أن ما شهدته الفعالية من مبادرات نوعية، من بينها إنشاء ملاعب كرة القدم، والمخيم الربيعي، والورش الحرفية والمهنية، يؤكد أن الإصلاح لم يعد مفهومًا نظريًا، بل ممارسة عملية تُترجم على أرض الواقع ببرامج تسهم في بناء الإنسان نفسيًا وسلوكيًا ومهنيًا، وتمنحه أدوات حقيقية لبداية جديدة بعد انتهاء فترة العقوبة.
وأشار إلى أن زيارة مخيم السجن العمومي ومخيم النساء تعكس شمولية الرؤية الإصلاحية، وحرص الجهات المشاركة على الوقوف ميدانيًا على احتياجات النزلاء والنزيلات، وتقديم برامج تراعي الخصوصية الإنسانية والاجتماعية، وتؤمن بأن العدالة لا تكتمل إلا بالرعاية والاحتواء.
وأضاف العتيبي أن هذا النموذج من التكامل بين مؤسسات الدولة والجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني يمثل حجر الزاوية في نجاح برامج التأهيل، مؤكدًا أن الشراكات المؤسسية الفاعلة قادرة على تحويل المؤسسات الإصلاحية إلى منصات لبناء الإنسان، لا مجرد أماكن لتنفيذ العقوبة.
وشدد على أن دعم النزيل وتأهيله هو استثمار مباشر في أمن المجتمع واستقراره، وأن تمكينه من المهارة والعمل والاندماج الإيجابي يقلل من فرص العودة للانحراف، ويعزز قيم المسؤولية والانتماء.
وختم العتيبي تصريحه بالتأكيد على أن هذه الجهود تعكس النهج الإنساني الراسخ لدولة الكويت، بقيادة سمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه، داعيًا إلى استمرار العمل الخليجي المشترك، وتوسيع نطاق هذه المبادرات النوعية، لتكون نموذجًا يُحتذى به إقليميًا في الإصلاح والتأهيل وبناء الإنسان.