حسني: إعلان روسيا استهداف طائرتها بقنبلة استخفاف

حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة في تدوينة مطولة له عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “عندما سئلت منذ فترة فى أحد اللقاءات التليفزيونية عن النجاحات التى حققها السيسى فى مجال السياسة الخارجية، حاولت أن أشرح حيثيات قراءتى لهذا الذى يعتبرونه نجاحاً، لكن محاورى لم يكن مستعداً لسماع أى تصورات، وبدا ملحاً فى طلب “النتيجة النهائية” … تقديرى وقتها – ومازال – أن السيسى لم يحقق نجاحاً حقيقياً للسياسة الخارجية المصرية”.
“ما يبدو على السطح نجاحاً ليس إلا زيارات “عابرة” تتمركز أهميتها عند الجانب الآخر حول عقد صفقات – معظمها صفقات سلاح لا تسهم فى التنمية – دون رؤية حقيقية من جانبنا لطبيعة التحولات التى يمر بها العالم الذى نتعامل معه، ودون فهم للتحديات التى تواجه سياستنا الخارجية بسبب هذه التحولات … وقتها – بالطبع – اتهمتنى كتائب الدفاع عن السيسى ناجحاً أو فاشلاً بأننى موتور لا تحركنى إلا كراهيتى للسيسى وللجيش المصرى … هكذا هى دائماً شخصنة المواقف فى بلادنا، بل والحكم المجانى بكراهيتى للجيش المصرى!”.
“المهم … مضت الأيام، ورأينا ما اتخذته روسيا من إجراءات عنيفة تجاه مصر، وهى إجراءات لم تقدم عليها لا بريطانيا ولا الولايات المتحدة اللتان نتهمهما بقيادة “مؤامرة” ضد اقتصادنا وضد أمننا القومى! … اليوم، أكملت روسيا إجراءاتها التى لا تعبر عن هذا الذى لا يكف إعلامنا، ولا تكف آلة الحكم عندنا، عن ترديده من انبهار بوتين بشخصية السيسى وبنظامه، ولا هى تعبر عن هذه “الصداقة المتينة” المزعومة بين الرجلين، إذ أعلنت روسيا – من جانب واحد، ودون انتظار لبيان يصدره من يعتقد أنه رئيس لجنة التحقيق – أن الطائرة الروسية قد سقطت فى سيناء بسبب تفجير قنبلة … اتهام مصر بالتقصير الأمنى (حقاً كان هذا الاتهام أو افتراءً) جاء فى ثنايا الإجراءات العنيفة التى سبق للجانب الروسى اتخاذها تجاه مطاراتنا وتجاه شركة طيراننا الوطنية”.
“هذا الإجراء الذى اتخذته روسيا من جانبها، أعنى إعلانها من جانب واحد عن سبب سقوط الطائرة الروسية فى سيناء – هو من حيث الشكل، وبعيداً عن المضمون، إنما يعبر عن قدر استخفاف الجانب الروسى بدولة السيسى التى تسفه من كل رأى يدق نواقيس الخطر القادم نتيجة السياسات الرعناء التى يسير عليها نظام يضيع من مصر ما تبقى لها من علامات السيادة ومن أسباب الهيبة والمكانة … أقول “ما تبقى منهما”.
“هذا الإجراء الروسى، وهذا القرار الذى اتخذته روسيا بشأن حادث الطائرة، ستكون لهما من التداعيات ما يتطلب – دستورياً على أقل تقدير – اجتماعاً آخر لمجلس الأمن القومى، بعد أن ضاع اجتماع الأمس فى مناقشة قضايا كان من الأولى أن يبحثها الرئيس – أو رئيس حكومته – مع وزير السياحة، ومع وزراء آخرين … اللهم إلا إذا استمر الرئيس على عناده، معتبراً نفسه مرجعية الخبراء والفلاسفة فى كل أنحاء العالم، وأن عبقريته الاستراتيجية هى – بالتعريف – فى حالة استغناء عن فكر من عدا الرئيس من المدعين الذين لا يملكون قدراته العالية، اعتماداً على أن “صداقته المتينة” بالرئيس بوتين كفيلة وحدها بإعادة كل الأمور إلى نصابها!”.