آراءمحلي

المعوشرجي :خصخصة العمل التعاوني

مبارك مزيد المعوشرجي :مبارك مزيد المعوشرجي

في عام 1935 وبعد توقيع اتفاقية التنقيب عن النفط بين إمارة الكويت وبريطانيا أنشئت شركة مساهمة سميت شركة النقل والتنزيل وأسماها الكويتيون «حمالي باشا» تمهيداً لهذا العقد، وبعد فترة من الزمن تم احتكارها من تجار لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين، بشراء أسهم هذه الشركة من الناس البسطاء بأكثر من ثمن التأسيس بقليل، وهو فعل أسماه الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، رحمه الله، بالعمل غير الشريف. وفي عام 1938 قام المجلس الاستشاري الذي شُكِّل في عهد المغفور له- بإذن الله- الشيخ أحمد الجابر وترأسه المغفور له- بإذن الله- الشيخ عبد السالم الصباح، لتأميم هذه الشركة لمصلحة العامة وعوّض ملاك الأسهم وتم الصرف من أرباحها على الخدمات الطبية والتعليمية، فحكومة الكويت آنذاك لم يكن لديها دخل أو ميزانية محددة.
ومؤخراً خصصت محطات توزيع الوقود، وكذلك سيطرت بعض الشركات الخاصة على هذه المحطات بشراء جميع الأسهم التي طرحت في البورصة للبيع، وبدأنا نسمع عن تهريب الديزل المدعوم للخارج.
إذاً التخصيص في الكويت لا يمنع الاحتكار ولا يردع المستدين.
والحديث عن خصخصة الجمعيات التعاونية هو عمل سيؤدي بالضرورة إلى سيطرة تجار الجملة- وخصوصاً تجار المواد الغذائية والاستهلاكية- على هذه الجمعيات، ويحولون أسواقها المركزية إلى معارض تباع فيها بضاعتهم بالسعر الذي يريدونه، وستبعد العمالة الكويتية ذات الخبرة، وتحل محلها العمالة الوافدة الهامشية، التي ترضى بأي راتب.
نعم هناك تجاوز وفساد وأخطاء في القليل من الجمعيات التعاونية، وخطوات الإصلاح قد بدأت بالصوت الواحد ورفع سن ومؤهل المستوى التعليمي لمرشحي الإدارات، وتحديد فترة العمل فيها.
والمطلوب اليوم فقط هو تغليظ العقوبة على المتجاوزين بإحالتهم إلى النيابة، وأخذ حقوق الناس منهم، وأن يعين عضوان أو أكثر في مجالس الإدارات، ويكون أحدهم أمين الصندوق ويشاركون في عضوية لجنتين أساسيتين، هما: الخدمات الاجتماعية، والمشتريات، وأن تختار وزارة الشؤون مكتب تدقيق حسابات من قبلها يراجع أعمال الجمعيات بصورة دورية كل شهر.

إن العمل التعاوني قضى على الاحتكار وحدَّ من ارتفاع الأسعار غير المبرر، وكان مجالاً لتدريب الخبرات الوطنية على العمل التجاري والاجتماعي، وإكسابها خبرات في الإدارة والعلاقات العامة، كما ساهمت الجمعيات التعاونية من أرباحها مع الدولة في الإنفاق على العديد من الخدمات الاجتماعية ولا يصح لسرقة أحدهم أو تجاوز آخر من ضعاف النفوس القضاء على نهج في العمل التجاري المرتبط مباشرة بالمجتمع، ويوفر له ما يحتاجه من مواد وخدمات بأسعار لا تسعى للربح، بل ويعطي المساهم عوائد وأرباحاً نقدية.

إضاءة:

كل الشكر والتقدير للدكتور بدر ناصر المطيري الباحث في تاريخ الخليج والجزيرة العربية الذي زودني بالمعلومات التاريخية في مقالي هذا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى