د. عادل العبدالمغني يكتب: مآثر طيبة..!!!

بين يدي وصيه يعود تاريخها غره ذي الحجة ١٣٣٢ هجري والذي يصادف الموافق ٢١ يناير ١٩١٤ ميلادي وهي للمرحوم والمحسن الكريم محمد بن يوسف المطوع يرحمه الله وحملت بين طياتها معاني رائعة ومآثر طيبة وصفات حميدة فتلك هي اخلاقيات اهل الكويت وسعيهم الدؤوب لفعل الخير والبِر والإحسان ، وتجلت تلك الوصايا في الوثيقة بعده امور قلما نجدها في الوصايا بالوقت الحاضر في إعطاء كل ذي حق حقه من افراد الأسرة والشمولية في الأعمال الداعية إلى الخير والاطمئنان قبل وبعد الرحيل بأن الأمور تسير على خير مايرام وأستطيع أن أترجم تلك الأعمال وما جاء بالوصية على النحو الآتي :
١- أوصى بعتق رقبة مملوكة تعمل لديهم حسب ماجاء بالوثيقة ” فهي حرة لوجه الله ” ولم يكن العتق فقط لوحده بل أوصى بأن يعطي للمعتوقه مبلغ ثلاثين ريالآ والريال هنا هو الريال الفرنسي من الفضة الخالصة ويعتبر مبلغآ لا بأس به .
وشأن المملوكين في الماضي ، كانوا كأي أحد من افراد الأسرة في المعاملة الطيبه ويذكرني هذا الأمر مافعل جدي المرحوم يوسف الميلم عندما أراد عتق رقبة مملوكة كانت مملوكة لديه فلم توافق هي لعتقها لتكون حره وأخذت تنحب بالبكاء ليبقوها كما هي عليه وذلك لما وجدت من المعاملة الطيبة وكان في اعتقادها انها سوف تشعر بالضياع عند التخلي عنها ولكن أهل الكويت لم يتخلوا في يوم من الأيام عمّن كانوا مملوكين لديهم حتى إنهم منحوهم أسماء أسرهم وأعطيت لهم بيوت وساعدوا أبناءهم في الدراسة والزواج والعمل في الوظائف .. فتلك أخلاقيات جيل الماضي .
٢- أوصى بالبنت التي تعمل لديهم والتي اصلها من بغداد خيرآ حسب ما جاء بالوثيقة ” فإن رغبت البقاء في الكويت فذلك حسب رغبتها وتعامل مثل سائر البنات بالمأكل والملبس والمصرف ” بل وأضاف في الوصية ”و لا يقصر عليها بشئ ” وإن أرادت الرجوع إلى أهلها في بغداد فيذهب معها كما حسب ما جاء بالوثيقة ” أحد من الجماعة ” و
ذلك لحرصه على تأمين وصولها بالسلامة وأن تكون كذلك بأيادٍ أمينة ، كما أوصى لها بمبلغ ٣٠ ليرة ذهب وهي من عملات الذهب العثمانية .
٣- أوصى بالدكان الذي يملكة بأن يكون وقفآ لإمام مسجد عمة المرحوم عبدالعزيز المطوع ..وهذا بحد ذاتة عمل جليل فمن المعروف أنه قبل إنشاء دائرة الأوقاف في عام ١٩٤٩ كانت مسؤولية المساجد مناطة بالأهالي وبالتالي فإن المساعدات التي تقدم للمحتاجين من الأئمة والمؤذنين وشؤون المسجد بالكامل من اختصاص الأهالي .
٤- أوصى كذلك بإخراج الثلث من ماله لأعمال الخير ولم ينس الفقراء والمحتاجين واستشف ذلك من سياق الوثيقة فذكر الآتي : ” ويسلمون في كل سنة لجماعة الفقراء منهم ثلاثمائة روبية ” وهذا بحد ذاته عمل يجزى عليه خير الجزاء فمثل هذا المبلغ يعتبر كبيرآ في الماضي .
٥- أوصى كذلك بالفقراء والمحتاجين خارج الكويت خيرآ حيث ورد نص في الوثيقة يقول : ” وكذلك يسلمون في كل سنة لأهل الحرمين مكة والمدينة للفقراء والمساكين مئتي روبية والباقي في يدهم يعملون فيه كما يعمل الحي للميت في الخيرات وقراءه القرآن وأعمال الخير ” .
رحم الله المحسن الكريم الواقف محمد بن يوسف المطوع وأسكنة فسيح جناتة .