أميمة كامل تكتب : صنوف البشر

بقلم استاذ علم النفس فى جامعة القاهرة
د. أميمة مصطفى كامل

في ظل هذه الهجمات الشرسة التي نسمعها من حين لآخر على الإسلام ، وفى ظل تفسيرات متباينة من ذي علم تارة وذي جهالة تارات أخرى يبقى الإنسان لغز كبير يصعب فك شفراته إلا لمن رحم ربي من المفكرين والاختصاصيين .
ومن إسرار هذا اللغز أن من بني الإنسان صنوف مختلفة ودرجات متفاوتة فى كل شيء منها درجة يقبلها الناس ” مقبولة ” وفيها درجة يتعايش معها الناس ” جيدة ” ولا يخلو سلم الدرجات من أناس رائعون يؤثرون غيرهم على أنفسهم ” ممتاز ” وقد فضل الله الناس بعضهم على بعض في العقل والذكاء والعلم والعمل والجسم طولاً وقصراً وجمالاً وقبحاً وغير ذلك ، وهذه ذكرت في القرآن في آيات منها قوله تعالى (وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) والقريتان المعنيتان في الآية الكريمة هما الطائف ومكة ، وهي تعني أن المشركين قالوا محمد ليس أهلاً للرسالة وإنزال القرآن عليه ، فتمنوا لولا نزل على رجل عظيم ودليل آخر قوله تعالى (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) فهذا غني وهذا فقير وهذا متوسط (وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَت رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) .
ومن هذا المنطلق تأتي معاملة الناس فهي أيضاً درجات ، فهناك أناس لا تستطيع تقبلهم ولا الارتياح لهم أومعهم ولا تتفق معهم في أي شئ ، وهنا ينبري البعض بضرورة الابتعاد النسبي عنهم ، لكن الأفضل التعامل بحدود ، لأن معاملة الناس والصبر على آذاهم مفضل عن اعتزالهم لخلل ما يعتري شخصياتهم .
وهناك صنف اخر من البشر ترتاح معهم وتحب التعامل معهم ، لكن لديهم صفات غير محببة لنفسك ، وهؤلاء يجب ان يكون التعامل معهم من خلال الصفات النبيلة التي بهم حتى لا تتعرض لصفات لا تتوافق معك فترهق نفسك ” أى تنظر دائما الى نصف الكوب الممتلئ ولا تظل تلعن وتنقد الفارغ.
وهناك صنف اخر تتفق معه في كتير من الامور ولكن يوجد امور تختلف فيها وهذا الصنف يمكن أن تتدخل لعدل له هذه الرتوش ، وفي هذه الحالة لابد أن يتحلى الإنسان بالصبر والروية للوصول إلي الهدف.
أحيانا يمر بالإنسان أشخاصاً مرة واحدة، لا يمكن تعوضهم ولا يمكن لأحد غيرهم ملئ فراغهم. لأنهم يمسوا القلب والروح معاً ، وفي هذه الحالة يستحق هؤلاء منا كثير من المحاولات وكثير من الصبر لان مكسبهم للعمر كله.
ويبقى للبشر صنوف والوان … وللحديث بقية إن كان في العمر بقية