Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
آراءخبر عاجلدولي

عبد العزيز يكتب : الغرب يعقد مشهد الشرق

بقلم  محمد عبد العزيز 

محمد عبد العزيز

المشهد السياسي على مسرح الشرق الأوسط يزداد تعقيدًا ، واللاعب الرئيسي فيه ايران  فمؤخرا وعقب رفع العقبات الدولية المفروضة على الجمهورية الاسلامية وحديثها عن زيادة انتاجها  من النفط بمقدار نصف مليون برميل يوميا ليتخطى ايرادها 10 مليار دولار سنوياً  ، وتأثرت البورصات الخليجية بشكل سلبي  عقب هذه الأحداث وتراجع سعر برميل النفط الكويتي ليهبط دون العشرين دولاراً للمرة الاولى منذ عام 2003 .

ايران تلعب بمفردها في المنطقة تصول وتجول يميناً ويساراً مستغلة غياب المشروع العربي  والاسلامي وتسعى للهيمنة على مجريات الامور فتتحالف مع امريكا وتبدى وامريكا انهما على خلاف  وتتحالف مع روسيا رغم تباين اهدافهما في كثير من الاتجاهات  .

ولم يشفع تضامن  عدد من الدول العربية  مع السعودية في اعتداء محتجين شيعة على بعثتيها الدبلوماسية في ايران ، فما لبثت ان هدأت العاصفة وعادت الامبريالية الايرانية لتتصدر المشهد من جديد ، فى مآالية ضبابية .

المشهد عامر بالأوراق المخلوطة ما بين الصراع في سورية واليمن بشكل مباشر وفي ليبيا والعراق  ومصر بطرف خفي .

الصراع في الشرق لا يمكن تصنيفه في رأيي الذي يحتمل الخطأ والصواب غير أنه اقتصادي بحت تغلفه الاعيب السياسة ، تحركه قوى غربية مهيمنة على العالم بزعامة احادية للولايات المتحدة الامريكية التى تلعب دور الشرطى في المنطقة بيد أنها اللص الكبير ، يساندها العدو الصهيوني المتربص بالعرب ، ويساندها الاتحاد الأوربي الساعي الى مصالحه الاقتصادية والامبريالية فقط .

وفي خضم هذا الصراع ينفخ الذئب الأمريكي بكل أدواته ومعه بريطانيا وفرنسا والمانيا واسرائيل ، ينفخون جميعا  في نيران الشرق ، وكلما زاد سعيرها  كلما لجأت دول الخليج الى توجيه ثرواتها النفطية الى حيث  شراء الأسلحة خيالية الثمن من الذئب ومعاونيه لتحمي دولها من اشتعال النيران بضراوة في المنطقة ، فتستفد الدول العظمى وتملأ خزائنها الرسمية والخاصة  .

من هذا المنطلق ودعما للغة المصالح الاقتصادية التي هي  هدف كل الوان الصراعات فان بقاء الأوضاع في الشرق مشتعلة تصب في صالح الغرب  ، وليس ما يحدث في العراق وسوريا وليبيا واليمن سوى فصيل من التبعات المباشرة أو غير المباشرة للإخفاقات الكبيرة في السياسة الغربية وللحروب التي شنتها اميركا وحلفائها  وما زالت مستمرة في شنها.

 وفي ظل خوض ملايين العرب الآن معركتين ،  الأولى من أجل عيش ، والعيش يعني وضع اقتصادي امن ، وهو تصديقا  لتوجيه رباني ” الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ” والمعركة الثانية بحثا عن الحرية والعدالة .  والحرية ربما تجدها في البحث عن اليات ديمقراطية ، لكن امريكا والاتحاد الأوربي يهدفان معاً الى أن  يخسر العرب المعركتين معا الاقتصاد والحريات ، لأن اى انتصار للعرب على الصعيد الاقتصادي سيتبعه صوت عال للمطالبة بالحرية والديمقراطية وهذا مآلاته انحسار الاضواء عن الغرب .

وعلى ذلك تدعم امريكا وأوربا الأنظمة المستبدة في الشرق  ، ممسكة بتلابيب أنفها حتى لا  تتسرب إليها رائحة عفن تلك الأنظمة القمعية القاهرة لشعوبها .  ان امريكا وأوربا تتغنى بالديمقراطية كشعارات زائفة بينما تعج في سبات عميق من الظلم ،  ولا تتوفر لديها الإرادة للتمسك بمعاييرها الديمقراطية ، وللدلالة على ان لغة المصالح هي المتحكم الرئيسي في القرارات المصيرية فلم يكن اعلان المانيا استعداداها لاستقبال ملايين اللاجئين السوريين من باب الشفقة او الانسانية المجردة ، فألمانيا تعاني من تراجع تعداد سكانها بوتيرة سريعة جدا. وبحسب تقديرات مفوضية الاتحاد الأوروبي يتوقع أن ينخفض تعداد سكان ألمانيا من 81.3 مليون في عام 2013 إلى 70.8 مليون في عام 2060. وإذ يحدث ذلك فإنه سيؤدي إلى ارتفاع ما يسمى بمعدل الاتكال ، أي النسبة التي يكونها كبار السن الذين يشكلون عبئا على الخزينة مقارنة بالنسبة التي يكونها الجيل الأصغر سناً والذي يولد الثروة .

 ومن الظلم واختلال الموازين ولغة تعدد المكاييل التي تعتد بها اميركا وأوربا أنها تنتفض لـ 500 جندي تركي  فى الاراضي العراقية ولا تنتفض لآلاف الجنود الايرانيين فى الاراضي السورية يعيثون فسادا ويقتلون المدنيين الأبرياء من الشعب السوري .

اذن المسألة  ليست احتلال القوات التركية لأراضي دولة أخرى، كما ان المشكلة في سوريا لا تقتصر على النظام الأسدي الظالم . المسألة ليست مسألة إقامة دولة كردية في جنوب تركيا ،  كما أنّ المسألة ليست محاربة عناصر تنظيم داعش فقط ، المسائل كلها كعكة اقتصادية كبيرة يتصارع عليها الجميع يهيمن عليها الغرب .

 وتبقى الاشكالية الكبرى في خلو المنطقة تماما من أى مشروع عربي او اسلامي واضح المعالم ، في ظل وجود وتمكن مشروعين رئيسيين يقودان المنطقة ، المشروع الفارسي الذي تقوده ايران وتدعمه روسيا – لمصالح اقتصادية –  وحلفائها في المنطقة ،  والمشروع الصهيوني تقوده اسرائيل وتدعمه اميركا وحلفائها في المنطقة .

لذلك أصبحت ايران واسرائيل لاعبين أساسيين في المنطقة وهما فسطاطين لا يستهان بهما  الأول فارسي تقف فيه ايران في طابور تتقدمه روسيا وتصف خلفها الصين وسورية ولبنان والعراق وحوثيي اليمن وأى نظام قمعى مستبد يبحث عن الفرقة ليسود ويعيش على القمع وتخويف الناس من أشباح ليستمر ، والفسطاط الثاني  صهيونى  تقف فيه اسرائيل في طابور تتقدمه اميركا وتصف خلفها بريطانيا وفرنسا والمانيا والخليج وانظمة مستبدة ايضا .

يحدث هذا في ظل غياب تام لأي مشروع عربي حقيقي او اسلامي واضح بعدما تم الانقضاض على مشروع الاسلام السياسي المعتدل الذى ولد اعقاب الربيع العربي ثم ما لبث ان شوه وحورب ،  والآن يقبع في غرف الانعاش ما بين موت او حياة من جديد .

 والثابت أن الغرب يمارس الآن بنجاح  تعميق جراح الشرق عبر تزكية نيران الصراع  المذهبي بين السنة والشيعة رغم علمه ان المسلمين الشيعة لا يمثلون إلا 14 % فقط من مسلمي العالم ” مليار و800 الف مسلم ”  لكن الغرب يساند القلة لأنه لو فعل العكس لانحسرت مكاسبه وقويت شوكة مليار ونصف مسلم سني  ، وهذا المخطط قديم اذ بدأ عقب الحرب العالمية الأولى  وقت أن قامت القوى العظمى بتقسيم منطقة الشرق الوسط حسب ما يناسب مصالحها.

والان أعدت هذه الدول خطة شبيهة بتلك التي كانت قبل مئة عام ، مع مراعاة تغير الظروف والشروط والمصالح . فهم يرغبون في إعادة رسم خارطة المنطقة بحسب ما يلائم المصالح العامة لهذه الدّول، لذلك قامت الثورات المضادة ودبر لها بليل وساندت امريكا والاتحاد الاوربي انظمة مستبدة مخافة عالم عربي ناهض يتمتع بديمقراطية وحرية وعدالة ويرزخ تحت حكم مدني يحترم الشعوب .

 وأثناء تنفيذ هذا المخطط، لم تلقي هذه الدّول بالاً للقيم الإنسانية والأخلاقية في المنطقة. فهذه الدّول تستخدم كافة أنواع العنف والقمع من أجل الوصول إلى مراميها .

ان اميركا والاتحاد الأوربي لم تقم أي وزناً لمشاعر شعوب الشرق الأوسط  ولا لتاريخ الدّول ولا حتى للمعتقدات المختلفة التي ترعرعت ونشأت في هذه المنطقة ،  وأظن أن حساباتها خاطئة في تقدير مساحات الغضب لدى شعوب عاشت عقودا من الزمن تحت وطأة الاحتلال والقمع والكبت والحرمان ، السيل وصل الزبى والسكين وصل العظم وعلى هذه الدول العظمى أن تحذر غضبة شعوب كسرها احتلال بعض أبناءها لها مما زاد المشهد تعقيدا .

محمد عبد العزيز

مدير تحرير صحيفة حماك

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى