
د. وائل الحساوي
التقرير الذي نشرته الراي بتاريخ 2015/1/7 والذي تناول جزءا مما نشره تقرير «أبحاث الكونغرس» حول الكويت، هذا التقرير قد احتوى كثيرا من الحقائق حول الاوضاع في الكويت وسلط الضوء على الكثير من الايجابيات والسلبيات، وكعادة التقارير الاميركية فانها تنظر الى العالم من خلال نظارتهم التي لا ترى الا ما يريدونه، فقد فسر التقرير تقلص الاضطرابات في الكويت أيام طفرة الربيع العربي بأنه بسبب تطبيق الحكومة لموازنات متخمة بالدعم وبزيادات للمرتبات – لإسكات الشعب – ذلك لان الكويت – بحسب التقرير – مجتمع ثري لا ترغب غالبية المواطنين فيه بالمجازفة برفاهيتها الاقتصادية من اجل تغيير السلطة!!
ولو نظرنا بتمعن في ضخ الحكومة للموازنات المتخمة بالدعم وزيادات الرواتب لرأينا بأنها قد كانت في الاعوام 2006 إلى 2011، اي قبل قيام ثورات الربيع العربي بسنوات، كما ان الشعب الكويتي وان كان يتقلب في الرفاهية ولله الحمد الا ان سبب عدم تمرده على السلطة لم يكن بسبب الرفاهية ولكن بسبب تمتعه بجميع مقومات العيش الكريم من حرية ومساواة وقوانين تحكم كل خطوة في حياته!
فهل يمكن مقارنة اوضاعه ببلدان الربيع العربي التي تسحق شعوبها سحقا وتستعبدهم؟!
تحدث التقرير عن الشلل السياسي الذي اصاب الكويت بسبب المشاحنات السياسية التي جرت ما بين عام 2006 – 2012 وحالة الركود الاقتصادي الذي صاحبها، وانتقد الاجراءات الحكومية القمعية مثل سجن المنتقدين للحكم في وسائل التواصل الاجتماعي او نزع الجنسية والتي أدت الى تلطيخ سمعة الكويت، والحقيقة ان تلك الاجراءات قد كانت قاسية نوعا ما بالرغم من انها قد أسكتت كثيرا من المنتقدين، ولكنها لا تليق بمكانة الكويت وسمعتها، الا ان المشكلة تكمن في القوانين التي اعطت القضاء تلك الصلاحيات الواسعة في معاقبة المخالفين، وقد كان بامكان قوى المعارضة تعديلها في المجلس بدلا من الاشتباك المباشر مع الحكومة!! يقابل ذلك بان مطالب المعارضة كانت عالية جدا ومتضاربة، ولم تستفت الشعب الكويتي حولها، فقد طالبت بشعبية الحكم والنظام البرلماني والملكية الدستورية عن طريق الضغط على السلطة والمظاهرات والاعتصامات بدلا من سلوك المسلك الدستوري في تغيير مواد الدستور!!
لذا فقد رفض الشعب تلك الاطروحات وابتعد عن الانضمام للمعارضة الى ان تشرذمت وتمزقت!
إن المطلب الاساسي للمعارضة بمحاربة الفساد والاخذ على يد المفسدين كان يمكن ان يجمع جميع فئات الشعب لولا ان تم الزج بالكثير من المطالب الاخرى معه!
ذكر التقرير التباينات الاميركية الكويتية حول مزاعم مسؤولين اميركيين التي ترى ان لا قدرة لدى الكويت لوقف تدفق الاموال الكويتية لمتطرفين في سورية، والحقيقة ان التقارير الاميركية حول محاربة الارهاب مبنية على سوء الظن بالشعب الكويتي واتهامه الدائم بدعم الارهاب، والحرص على تسريب اخبار كاذبة عن اضطلاع المئات من الكويتيين بالمشاركة في دعم التنظيمات الارهابية مثل داعش والنصرة!
وهذه الاتهامات قد كانت موجودة منذ القدم وتجددت في عهد بوش الابن، ثم جاء عهد اوباما ليكررها على مسامع العالم دون ان يأتي بأدلة عليها!
اما في مجال الاتجار بالبشر، فيضع التقرير دولة الكويت في الخانة الثالثة (المرحلة الاسوأ) وهذا الامر قد يكون له ما يبرره فما زال حكماء وزارة الداخلية ومجلس الامة يصدرون القوانين التي تنتهك حقوق تلك الفئة وتوقع العقوبات القاسية بها، فالشواء في مكان عام عاقبته التسفير، وانتهاء الجواز قبل انتهاء الاقامة عاقبته الغرامات الفاحشة او السجن، ومخالفة اشارة المرور عاقبتها التسفير وهكذا!