آراءدوليصورة و خبر

زيارة الرئيس السوري إلى السعودية.. بوابة لإعادة التموضع الإقليمي والانفتاح الاقتصادي

تُشكل الزيارة المرتقبة للرئيس السوري أحمد الشرع إلى المملكة العربية السعودية، اليوم الاثنين، خطوة لافتة في مسار إعادة سوريا إلى المشهد الإقليمي الفاعل. وتأتي الزيارة في توقيت حساس تتقاطع فيه التحولات الجيوسياسية مع الجهود العربية لتكريس مقاربة جديدة في التعامل مع الملفات الاقتصادية والأمنية في المنطقة.

بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، سيجري الرئيس الشرع زيارة عمل إلى الرياض، يلتقي خلالها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ويشارك في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في نسخته التاسعة، الذي يعقد تحت شعار “مفتاح الازدهار”.

تتضمن أجندة الزيارة: لقاء ثنائي رفيع المستوى لبحث تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري، مباحثات حول المستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، كلمة رسمية للرئيس الشرع خلال فعاليات المؤتمر، اجتماعات مع كبرى الشركات الاستثمارية والمؤسسات الاقتصادية العالمية.

ويرافق الرئيس وفد رفيع يضم وزراء وخبراء في مجالات البنية التحتية والطاقة والتكنولوجيا والصناعات المستدامة.

البعد الاستراتيجي للزيارة

1 ـ إعادة التموضع الإقليمي لسوريا

الزيارة تعكس مرحلة جديدة من إعادة الانخراط العربي مع دمشق، بعد سنوات من العزلة السياسية. وتبدو السعودية منفتحة على مقاربة تقوم على “الاستقرار مقابل التنمية”، في ظل التحولات التي يشهدها الإقليم، من الحرب في غزة إلى التوازنات الجديدة بين طهران والرياض.

2 ـ التكامل الاقتصادي كمدخل للسياسة

مشاركة سوريا في مؤتمر اقتصادي عالمي بحجم مبادرة مستقبل الاستثمار، تشير إلى محاولة جذب استثمارات استراتيجية تعيد إحياء القطاعات السورية المتضررة، وتفتح الباب أمام شراكات خليجية ـ سورية قد تمثل رافعة لاقتصاد دمشق المنهك.

3 ـ انعكاسات محتملة على المشهد الإقليمي

ـ توثيق التقارب السعودي ـ السوري بعد إعادة العلاقات الرسمية.

ـ تعزيز الدور العربي في إعادة إعمار سوريا خارج الأطر الغربية المشروطة.

ـ اختبار جديد لمعادلة الحياد السوري النسبي في خضم التنافس الإيراني – الخليجي.

دلالات المشاركة في “مبادرة مستقبل الاستثمار”

المؤتمر الذي يستقطب أكثر من 8 آلاف مشارك و650 متحدثًا من القادة والمستثمرين وصناع القرار، يشكل منصة لعرض رؤية السعودية للعقد القادم في مجالات التكنولوجيا والاستدامة.

بالنسبة لدمشق، المشاركة تمثل: رسالة رمزية بعودة سوريا إلى المشهد الدولي عبر بوابة الاقتصاد، فرصة عملية لنسج شراكات مع القطاع الخاص العالمي، نافذة سياسية لعرض رؤية سورية للتنمية ما بعد الصراع.

خاتمة

زيارة الرئيس السوري إلى السعودية تتجاوز الطابع البروتوكولي لتشكل خطوة مدروسة نحو إعادة بناء التوازنات الإقليمية عبر الاقتصاد.

ففي حين تمضي الرياض بثقة في رؤية 2030، تسعى دمشق إلى توظيف هذا الانفتاح العربي لتأمين إعادة إعمار تدريجية واستقرار سياسي واقتصادي مستدام.

إنها بداية مرحلة جديدة من “البراغماتية العربية”، التي توائم بين المصالح والسياسات، وبين الاستثمار والدبلوماسية.

قد تكون هذه الزيارة إحدى أبرز مؤشرات التحول في العلاقات العربية – السورية منذ 2011، ومقدمة لمسار استراتيجي جديد يتقاطع فيه الاقتصاد كأداة دبلوماسية مع السياسة كإطار للتوازن الإقليمي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى