آراءحوادث وقضايادوليصورة و خبر

زيارة ستارمر إلى تركيا…. اختبار مبكر لتوجهات لندن في الشرق الأوسط

أعلنت الرئاسة التركية، أمس الأحد، أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر سيجري زيارة رسمية إلى تركيا يوم غد الاثنين، لبحث التطورات الإقليمية والدولية في ظل تزايد التحديات الجيوسياسية الممتدة من شرق المتوسط إلى البحر الأسود والشرق الأوسط.

الزيارة، التي تعد الأولى لستارمر إلى أنقرة منذ توليه رئاسة الحكومة البريطانية، تأتي في توقيت بالغ الحساسية، وسط تحولات في العلاقات بين الغرب والعالم الإسلامي، وتنامي الدور التركي في الملفات الأمنية والطاقة والهجرة.

وقال برهان الدين دوران، رئيس إدارة الاتصالات في الرئاسة التركية، في منشور عبر منصة “إكس”، إن زيارة ستارمر “ستركز على مناقشة التطورات الإقليمية والدولية الراهنة، وبحث سبل تعزيز التعاون الثنائي بين أنقرة ولندن”.

ورجحت مصادر تركية مطلعة أن تتضمن الزيارة: لقاءً رفيع المستوى بين ستارمر والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في القصر الرئاسي بأنقرة، مباحثات أمنية ودفاعية حول التعاون في الصناعات العسكرية ومكافحة الإرهاب، نقاشات اقتصادية تتعلق بتحديث اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين البلدين بعد “بريكست”، مشاورات سياسية حول أزمات الشرق الأوسط، لا سيما غزة، وسوريا، والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي.

خلفية العلاقات التركية ـ البريطانية

تشهد العلاقات بين أنقرة ولندن تطورًا ملحوظًا منذ انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث سعت المملكة المتحدة إلى تعزيز شراكاتها الاقتصادية والأمنية خارج الإطار الأوروبي.

وتُعد تركيا أحد أبرز الشركاء المحتملين للندن في مجالات: التجارة والطاقة والدفاع، التعاون في ملف الهجرة والحد من تدفقات اللاجئين نحو أوروبا، الموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي يجعل أنقرة جسراً بين الشرق والغرب، كما تنظر بريطانيا إلى تركيا كفاعل إقليمي قادر على لعب دور محوري في تهدئة النزاعات الإقليمية، خصوصًا في غزة، وليبيا، والبحر الأسود.

البعد الإقليمي للزيارة

تأتي الزيارة في وقت تستعيد فيه تركيا دورها النشط في المعادلات الإقليمية، بعد أن نجحت في إعادة تطبيع علاقاتها مع عدد من القوى العربية والخليجية، وتحقيق توازن دقيق في علاقاتها بين واشنطن وموسكو.

وفي المقابل، تسعى حكومة حزب العمال البريطاني بقيادة ستارمر إلى صياغة سياسة خارجية أكثر توازناً تعيد بناء النفوذ البريطاني خارج أوروبا، وتعتمد على الانخراط الذكي في الملفات الحساسة بدل المواجهة المباشرة.

ويرى مراقبون أن اللقاء بين ستارمر وأردوغان سيكون اختبارًا مبكرًا لسياسة لندن تجاه القضايا التالية: مستقبل الأمن في شرق المتوسط وملف الطاقة البحرية، الحرب الروسية ـ الأوكرانية ودور تركيا كوسيط محتمل، التطورات المتسارعة في الشرق الأوسط بعد حرب غزة.

دلالات الزيارة وأبعادها

ـ إعادة تموضع بريطاني بعد البريكست:

الزيارة تعكس رغبة لندن في تعزيز حضورها في مناطق النفوذ التقليدية خارج أوروبا، خصوصًا في الشرق الأوسط والبحر الأسود.

ـ تركيا كمحور توازن إقليمي:

بالنسبة لأنقرة، تشكل الزيارة فرصة لترسيخ موقعها كدولة محورية قادرة على الحوار مع الغرب والشرق معًا، خاصة بعد تحسين علاقاتها مع الخليج ومصر.

ـ البعد الدفاعي والاقتصادي:

كلا البلدين يسعيان إلى تعزيز الشراكة الدفاعية (خصوصًا في الصناعات الجوية والطائرات المسيرة)، إضافة إلى زيادة التبادل التجاري الذي تجاوز 20 مليار دولار سنويًا.

زيارة كير ستارمر إلى تركيا تمثل نقطة تقاطع سياسية بين دولتين تبحثان عن تموضع جديد في نظام عالمي متغير. فبينما تسعى بريطانيا إلى استعادة نفوذها ما بعد “بريكست”، تعمل تركيا على تثبيت مكانتها كقوة إقليمية مستقلة قادرة على التحاور مع الجميع دون الاصطفاف الكامل مع أحد.

النتيجة المتوقعة: لقاء أردوغان وستارمر قد يشكل بداية مرحلة تعاون استراتيجي بريطاني ـ تركي، يوازن بين المصالح الاقتصادية والتفاهمات الأمنية، في بيئة دولية مشحونة بالتحديات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى