آراءدوليصورة و خبر

صقر يكتب: هل تدرون علام تقاتلون؟

محمود صقر

بقلم/ محمود صقر

الحرب على أشدها ، ونحن العرب وقودها ، وديارنا مسرحها ، ودماؤنا مهرها ، ومقدراتنا ثمنها .

وبرغم أننا القاتل والمقتول ، الجاني والضحية ، فجمهور العرب يصفقون ويهللون و لا يدرون علام يقاتلون ؟!

إنها صيحة حرب أطلقها بوق كبير ، فتلقفتها أبواق صغيرة ، تردد صداها في كل شبر من أرضنا : ” الحرب … الحرب … الإرهاب … الإرهاب … “

حرب تدور ، ومع كل قطرة دم تسقط من مواطنينا ، تدور عجلة الاقتصاد هناك عند البوق الكبير ، تدور الماكينات في مصانع السلاح ، ويتم تجريب السلاح الجديد وتطويره ، وإعادة بيعه لأطراف النزاع جميعاً .!!

مع كل صاروخ يحترق به بئر نفط عندنا ، تعمل وراءه بورصات سوق النفط لتصب الأموال عند البوق الكبير ، ثم ندفع نحن أجور خبرائه لإطفاء الحرائق وإعادة التشغيل !!….وهكذا .

دماؤنا تسيل ، ممتلكاتنا تُدمر ، آثارنا تُسرق ، والأبواق الصغيرة هنا على شاشات التلفاز ، وعلي صفحات الجرائد ، لا تسمع منهم إلا صيحة واحدة ” الحرب …الحرب …الإرهاب …الإرهاب … “

إذا كان مرضنا هو الإرهاب ، فهل رأيتم مريضاً سفيهاً يظل يصرخ ويكرر أنه مريض بكذا دون أن يُشخص المرض ويعرف أسبابه ، ويبحث عن علاجه ؟!!

إذا كان لعلاج مرض الإنسان أطباء… ، فلعلاج أمراض المجتمع علماء وكتاب ومفكرون ، يشخصون الأمراض ويحددون أسبابها ، ويقترحون علاجها .

فأين هم في بلادنا ؟؟

ستجدهم يا عزيزي على الشاشات وعلى صفحات الجرائد ، ” كورال ” في فرقة موسيقية رخيصة يرددون بأمانة النوتة الموسيقية الموزعة عليهم ، وأبصارهم متحجرة في اتجاه عصا المايسترو .

كلهم يردد ” الحرب … الحرب … الإرهاب … الإرهاب … ” أين تشخيص المرض وأسبابه ؟

أين الحديث عن بيئة الظلم والقهر وسوء توزيع الثروة والبطالة والتهميش واليأس من التغيير السلمي ، التي ينمو فيها الإرهاب ؟

أين الحديث عن العلاج بالإصلاح السياسي ومقاومة الاستئثار بالسلطة والثروة ؟

لا تسل يا عزيزي : فالكورال لن يقبض ثمناً إذا شذ عن النوتة الموسيقية وانحرفت عيناه عن عصا المايسترو .!!

يا سادة يا كرام ، يا جمهور المتفرجين المحترمين ، يا من تصفقون وتهللون وراء الكورال :

إنهم أشعلوا الحرب في قلوبنا وعقولنا قبل أن يشعلوها على أرضنا .

لو اتسعت بالحب قلوبنا ، واستنارت بالوعي عقولنا ، واستقامت على طريق الحق والعدل خطانا ، .. لما ضاقت علينا ديارنا ، ولما صرنا نهباً لأعدائنا .

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى