سورية وإسرائيل نحو اتفاق “خفض تصعيد”

انخفضت التوقعات في المفاوضات الجارية بين الجانبين السوري والإسرائيلي بشأن التوصل إلى اتفاق أمني شامل بينهما، إلى الحديث عن اتفاق “خفض تصعيد”، بما يذكر بالتسميات التي كانت سائدة في شمال غرب سورية برعاية روسية تركية، بين النظام السوري السابق والمعارضة. وذكر المبعوث الأميركي إلى سورية، توم برّاك، أن الجانبين السوري والإسرائيلي يقتربان من الوصول إلى اتفاق “خفض التصعيد” الذي سيكون خطوة أولى نحو الاتفاق الأمني الذي يتفاوض عليه الجانبان. وقال برّاك في تصريح للصحافيين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، مساء الثلاثاء الماضي، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب “سعى إلى التوصل إلى اتفاق بين الجانبين سيتم الإعلان عنه هذا الأسبوع، لكن لم يتم تحقيق تقدم كاف حتى الآن، كما أن عطلة رأس السنة العبرية هذا الأسبوع أبطأت العملية”. وأوضح أن اتفاق “خفض التصعيد” ينص على أن توقف إسرائيل هجماتها على سورية، بينما توافق الحكومة السورية على عدم نقل أي آلات أو معدات ثقيلة قرب الحدود مع الأراضي المحتلة، معتبراً أن “الجميع يتعاملون مع الأمر بحسن نيّة، وأن الاتفاق سيمثل انتصاراً لإدارة الرئيس ترامب”.
وتجري سورية وإسرائيل محادثات للتوصل إلى اتفاق تأمل دمشق أن يضمن وقفاً لاعتداءات إسرائيل على أراضيها، وانسحاب قواتها التي توغلت في جنوب سورية. وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد قال إن إسرائيل قامت باعتداءات كثيرة على سورية بلغت نحو ألف غارة و400 توغل، وما زالت تحتل الجولان، لكن سورية تسعى لتجنب الحرب، لأنها في مرحلة بناء. وأضاف الشرع خلال لقائه بقمة كونكورديا في نيويورك، الاثنين الماضي: “نحن متجهون نحو التهدئة وأن تعطى سورية فرصة للبناء، وإذا نجحت التهدئة وكان هناك التزام من إسرائيل بما يتم الاتفاق عليه فربما تتطور المفاوضات”. وأوضح انه إذا نجحت المرحلة الأولى من المفاوضات وتم التوصل إلى الاتفاق الأمني الذي يعيد إسرائيل إلى اتفاقية 1974، فستمضي دمشق نحو مناقشة ملفات أبعد، تتعلق بمصير الجولان المحتل، والعلاقة بين سورية وإسرائيل على المدى البعيد. وأكد استعداد سورية لمناقشة مخاوف إسرائيل الأمنية.
وأرجع الباحث في مركز جسور للدراسات رشيد حوراني عدم توصل الطرفين إلى اتفاق كامل لعدة أسباب، أولها “إصرار سورية على العودة إلى اتفاق فض الاشتباك 1974 بينما ترفض إسرائيل ذلك، وترى ضرورة الحفاظ على ما كسبته خلال توغلاتها البرية التي بدأت في 2022 واستمرت لما بعد سقوط النظام وسيطرتها على قمة جبل الشيخ”. وأضاف حوراني في حديث لـ”العربي الجديد” أن السبب الثاني هو عدم وجود “ضغوط جدية من الادارة الأميركية على إسرائيل تلزمها بالعودة إلى اتفاق 1974 رغم أنها هي من رعت هذا الاتفاق”. وإضافة إلى ذلك “تدخّل دول إقليمية في مسألة الجنوب السوري كتركيا والأردن، وتخوّف إسرائيل من دعم هذه الدول مستقبلاً للحكومة السورية وتقويتها، خصوصاً أن تركيا ترفض إخلاء الجنوب من السلاح الثقيل، كما تتخوف إسرائيل من التعاون العسكري المتنامي بين سورية وتركيا وما يمكن أن ينتج عنه من آثار مستقبلاً”.



