آراءخبر عاجلدوليصورة و خبر

شومة : تعليم “العربية ” يمكن الطفل من المعرفة

 خاص – حماك

images

” تطوير مناهج اللغة العربية في مراحل التعليم العام ” رؤى مستقبلية ” عنوان الورقة البحثية التي تقدمت بها الدكتورة شـومـه محمـد مسـاعد الفاضلـي البلـوي أستاذ البلاغة والنقد المساعد بجامعة تبوك  إلى مركز لندن للبحوث والاستشارات لعرضه في مؤتمره الدولي الخامس الذي أقيم في الأردن بالتعاون مع منتدى الفكر العربي بعنوان  ” الاتجاهات المعاصرة في مؤسسات التعليم . . إصلاح وتطوير “

الدراسة استهدفت اللغة العربية التي كانت وما زالت لغة الحضارة والعلم وهي لغة نامية ومتطورة تستجيب لمتطلبات كل عصر .

شومة الفاضلي : وباعتبار مناهج للغة العربية أبرز عناصر الحديث حول اللغة العربية ، بل إن كثيرين يقصدونها عند الحديث عن مناهج اللغة العربية ، فقد نالت عناية كثير من الباحثين والدارسين من جهة تحليلها وتقويمها وإبراز جوانب القوة والضعف فيها .

ومن الملحوظات التي يثيرها الباحثون في هذا المجال : افتقار كتب اللغة العربية إلى عنصر التشويق لعدم ارتباطها بواقع الطالب وحياته العملية ، وحاجاته ومتطلباته وظروف عصره ، وافتقارها كذلك إلى الترابط ، بحيث يسير تدريس كل مادة أحياناً بشكل مستقل عن المواد الأخرى وهذا مما يبدد جهد الطالب ، ويفقده الإحساس بترابط جوانب اللغة وحيوية موضوعاتها .

الفاضلي : إن بعض النصوص المختارة في هذه الكتب والمقررات لا تتلاءم مع المستوى العقلي واللغوي لناشئة هذا العصر . هذا إضافة إلى اتصاف كثير من مقررات النحو والصرف بشيء من الجفاف والتعقيد والرتابة وعدم التركيز على الوظيفة الأساسية لعلمي النحو والصرف وهي ضبط الكلمات ، وصيانة اللسان من الخطأ في النطق وسلامة الكتابة مما يشينها . ومن منطلق النقد على مناهج تعلم اللغة العربية ، فقد علت أصوات العلماء والتربويين مطالبة بعمليات شاملة من الاطلاع والتطوير لتلك المناهج ؛ليصبح أبناؤنا قادرين على التعامل مع الأسس الجديدة في هذا القرن التي تشتمل على مهارات اتصال وتواصل من جهة أخرى .

ومهما تكن المحاولات والنداءات في تطوير مناهج اللغة العربية جادة فلن يكتب لها النجاح دون أن يكون لمعلم اللغة العربية دور فاعل في هذا التطوير .

وعليه فإن للمعلم والمتعلم طبيعة ينبغي أن تتلاءم مع التطوير ومواكبة العصر، فالمعلم لا بد من إعداده إعداداً جيداً ، ولذلك يقال : إن كفاءة أي مؤسسة تعليمية ، وجودة ما تقدمه من تعليم وما تنتجه للمتعلمين فيها من فرص التعلم ، وما تحققه من مستوى تعليمي لخريجيها إنما يقاس بكفاءة أعضاء هيئة التدريس ، وهي كفاءة لا تقاس فقط بما لديهم من علم ومعرفة في تخصصهم ، وبما يمتلكونه من حقائق هذا العلم ومفاهيمه ونظرياته ، وإنما تقاس في نفس الوقت وعلى نفس المستوى من الأهمية بكفاءة تدريبهم وبما يمتلكونه من طرق وأساليب وفنيات واستراتيجيات ووسائل تدريسية ، ولذلك يقول فرتويل : ” إنه إذا أعطى للمسؤولين تطوير التعليم اليوم مجالاً واحداً فقط كي يولونه جل اهتمامهم فإنهم سيختارون تطوير القدرات التدريسية لأغضاء هيئة التدريس ” ذلك أنه لا يمكن أن نتحدث عن المدرس دون أن تتكلم عن كيف يقوم بالتدريس  بنفس القدر الذي نتكلم به عما يدرسه ، ولذلك شاع القول بأن عنصر المنهج المسمى بالتدريس هو ذاته المعلم “.

وحتى يكون المعلم مهيئاً للتدريس وفق معايير تتضمن الجودة تخطيطاً وتنفيذاً وتقويماً يحتاج إلى تقنية عالية تتضمن تحقيق الأهداف فيكون قادراً على أن :-

  • يقدم الأفكار المجردة بشكل محسوس .
  • يضيف للمادة المقررة أفكاراً جديدة .
  • يمهد للتعليم بإثارة وتنشيط وحفز دوافع المتعلمين وميولهم وتشويقهم وحب استطلاعاتهم .
  • يحتفظ باهتمام المتعلمين وجذب انتباههم ، وتركيز وعيهم ، واستمرار متابعتهم .
  • يتنوع في طرقه وفنياته واستراتيجياته بتنوع وتعدد الفروق الفردية بين المتعلمين .
  • يستند إلى أنشطة تعليمية متعددة تلبي الرغبات والقدرات المختلفة للمتعلمين .
  • يتوجه في كل إجراءاته نحو تحقيق النمو الشامل للمتعلمين عقلياً ونفسياً واجتماعياً وجسمياً .
  • يركز على تنمية التفكير العلمي ، والروح الناقدة، والفحص والتروي والتأمل .
  • يهتم بالتدريب على الأنشطة الإجرائية التعليمية مثل : الملاحظة والاكتشاف ، والاستنتاج والتحليل والتجريب والممارسة .
  • يتسم بالصوت الواضح والمتمثل للمعنى والمؤكد للدلالة .
  • يستغل التعبير الملحمي في الايحاء بالمعنى وتعميق الفهم .
  • يحرص على التلخيص والتجميع والتركيز والتحديد والتنظيم في نهاية الموقف التعليمي .

الفاضلي : لم يعد المتعلم في حاجة  لمن يعطيه المعلومة أو ينقلها إلبه في قالب التلقين بل أصبح في حاجة لعملية تدريسية تنظم له التعلم وتستثيره ، وتوجهه وتقومه بالإضافة إلى أن المتعلم بحاجة إلى طريقة تمكنه من كيفية التعامل مع وسائل ومعطيات القرن الواحد والعشرين التي منها : الجودة والكفاءة ، والتخطيط ، والتأمل ، والانضباط ، والالتزام ، وهي سلوكيات خاصة تتطلب تدريسياً يستجيب لهذه المتطلبات ، وتمكنه من الانفتاح على الثقافة العالمية الكونية متسلحاً بقدرات الاختيار والانتقاء متمسكاً بتراثه الفعال منتمياً إلى ثقافته الحية .

ومن هنا ينبغي أن يقوم التدريس على مبادئ وأسس علمية ، وتقنيات فنية تهدف إلى تطوير المناهج الدراسية في مراحل التعليم العام تطويراً تخلق لنا في النهاية متعلماً يتحدث جيداً ويناقش ويحاور ،متعلماً متذوقاً لجمال الأدب لديه مقومات وقدرات التذوق ورغبة الاستمتاع وتقدير الفنون وميل شديد للتعلم .

كل ذلك لن يتأنى إلا من خلال تطوير مناهج اللغة العربية ، فيكون التدريس فيها قائماً على حرية التفكير والابداع .

 ان تعليم اللغة العربية يهدف منذ بداية المرحلة الابتدائية إلى تمكين الطفل من أدوات المعرفة عن طريق تزويده بالمهارات الأساسية في القراءة والكتابة ، والتعبير ، ومساعدته على اكتساب عاداتها الصحيحة واتجاهاتها السليمة ، والتدرج في تنمية هذه المهارات على امتداد المراحل التعليمية ، بحيث يصل التلميذ في نهاية هذه المراحل إلى مستوى لغوي تمكنه من استخدام اللغة استخداماً ناجحاً عن طريق التحدث والكتابة والقراءة والاستماع .

ولعل أكبر الأهداف المبتغاة من وراء أي برنامج لتعليم اللغة في مراحل التعليم العام والمرحلة الابتدائية خاصة هو اكتساب المزيد من المهارات في فنون التواصل البشري ، والنجاح في تحقيق ذلك لا يعني إلا إنتاج إنسان واعٍ متمكن من لغته قادر على التعبير عن أفكاره وأغراضه بأيسر السبل ومن أقصر المسالك وأعمقها .

وعلى الرغم من الأهمية الكبرى لتعليم اللغة العربية في المرحلة  الابتدائية ولاسيما في الصفوف الأولية ، إلا أن الواقع يعكس ضعف التلاميذ الملحوظ في هذه المادة ، وهذا ما دعا كثيراً من خبراء المناهج والباحثين في طرق تعليمها وتعلمها إلى تناول هذه الظاهرة بالدراسة والتحليل .

الفاضلي : المتأمل لواقع تدريس اللغة العربية في هذه المرحلة يلمس أن ما يتعلمه التلاميذ من مهارات لغوية لم يكتسب بصورة صحيحة ، وأن نسبة كبيرة منهم تكتسب قدراً ضئيلاً من المهارات التي كان من المتوقع أن يتفوقوا فيها .

لقد اكتشف العلم الدور الكبير الذي تلعبه العواطف والانفعالات في حياة الفرد، وقد أشار الباحثون إلى أن العاطفة مسؤولة بنسبة 80 % عن نجاح الفرد في حياته، وأن القدرات الوجدانية لها دور أكبر من الذكاء المعرفي في سعادة الفرد ونجاحه في جميع جوانب الحياة .

وبناء على ذلك يرى التربويون التركيز في بناء شخصية المتعلم ، وتكوينه على الجانب الانفعالي أو الوجداني باعتباره عنصراً مهماً من العناصر الأساسية في عمليات التربية والتعليم .

والتعليم الوجداني من الأمور التي يجب الاهتمام بها كثيراً خاصة في المراحل الأولى من التعليم ، فالطفل يدخل المدرسة، وقد تكونت لديه  العديد من المشاعر والأحاسيس والعادات الانفعالية ، وعلى المدرسة أن تقوم بغرس القيم والاتجاهات المقبولة ، وتعزيز ما هو مقبول منها ، وتغييروتعديل ما هو غير مقبول . لذلك ينبغي اعتبار المكونات الوجدانية خلال عمليات معالجة المعرفة وتطويرها جزءاً من أساس المعرفة للمحتوى التعليمي .

فإهمال المعلمين للجانب الوجداني أثناء تعليم مادة اللغة العربية ” تخطيطاً وتنفيذاً وتقويماً” أدى ذلك إلى ظاهرة التفريط التحصيلي ، وضعف دافع التعلم لدى تلاميذ المرحلةالابتدائية  ، فالجانب الوجداني ” مصطلح عام جامع يشمل المشاعر والتذوق والاتجاهات والميول والقيم التي توجه سلوك الفرد ، وتصرفاته .

وتؤثر في ما يتخذه من أحكام وقرارات ، وله مستويات تبدأ بالانتباه ثم الاستجابة ثم إعطاء قيمة ، أو تقدير للأشياء ثم تنظيم القيم ، ثم تمثيل القيمة في السلوك

أكد المتخصصون على أهمية التذوق الأدبي، وذهبوا إلى أنه من أهم غايات الأدب حتى عده بعضهم الفن الخامس من فنون اللغة العربية .

وبرغم ما لدراسة الأدب والنصوص  الأدبية والتذوق الفني من أهمية كبيرة فإن الواقع التعليمي ينطق بقصور في طرائق تدريس الأدب كما يكشف عن تدني مهارات التذوق لدى المتعلمين ويشير إلى غياب استراتيجيات التدريس التي تنمي الابداع والاحساس بالجمال لدى الطلاب ، حيث يشير التربويون إلى غياب هذه الأهداف في ظل أساليب التدريس التقليدية .

أما فيما يتصل بطرائق التدريس وطرقه وفنياته واجراءاته فهو أمر لا خلاف على أن نقرر فيه أن تعلم اللغة العربية في المدرسة يفتقد الطرق الحديثة الفاعلة والفنيات والإجراءات التي تجعل من حصص اللغة العربية حصة استماع باللغة استماعاً وحديثاً وقراءة وكتابة وإبداعاً وتذوقاً ؛ فإذا حرم الطالب من الاستمتاع بدرس  اللغة العربية وليس من المقبول ألا تستمتع بدرس الأدب ، فإن ذلك يؤكد حاجة الأدب إلى طريق تدريس تجعل التلميذ يستمتع بالنص الأدبي ويتذوقه ، ففي مواجهة سيطرة طرق التدريس التقليدية القائمة على التلقين ، وتوجيه الفكر نحو إجابة محددة تبرز أهمية استخدام استراتيجية جديدة لتنمية مهارات التذوق الأدبي “.

وقد دعت الدراسات السابقة إلى تطوير دراسة النصوص الأدبية ، وتجريب استراتيجيات تدريسية جديدة تجعل المتعلم إيجابياً متفاعلاً مع النص ، وينمي مهارات التذوق الأدبي لديه .

  • الاهتمام بفن التلخيص .

تتيح عملية التلخيص الفرصة أمام القارئ ؛ لتحديد الأفكار الرئيسة في النص المقروء، وإحداث تكامل بين المعلومات المهمة في النص، وذلك من خلال تنظيم العلاقات بينهما ، وإدراك هذه العلاقات وفي عملية التلخيص ثم اختصار شكل المقروء، وإعادة انتاجه في صورة أخرى عن طريق مجموعة من الاجراءات التي تبقي على أساسياته ، وجوهره ، واستبعاد غير المهم .

الفاضلي ختمت بأن على المعلم أن يبين لطلابه أن القارئ يمكنه تلخيص المقروء بشكل جيد من خلال :-

  • تأكيد استخدام تعبيرات الطلاب لا الاقتباسات .
  • تحديد الفترة الزمنية للتلخيص وكذلك تحديد عدد الكلمات التي لا ينبغي تجاوزها في الملخص .
  • إتاحة الفرصة للتلاميذ كي يناقشوا ملخصاتهم وفق معايير محددة .
  • حذف المعلومات غير الضرورية وكذلك المكررة .
  • التركيز على الأفكار الرئيسة .
  • التوسع في تعليم الخط العربي لكل الصفوف .
  • تعليم الخط بشكل واسع يعود التلاميذ صفات خلقية وتربوية مهمة ، يعلمهم التمعن ، ودقة الملاحظة عن طريق المضاهاة بين ما يكتبونه والأصل ، ويربي عندهم قوة الحكم ، فإذا ترتب اعتادوا الإذعان للحق ، وبتكرار الكتابة وكثرة الدربة يتعودون الصبر ، والخط يعلمهم النظافة ويعودهم سرعة النقد ، والسيطرة على حركات اليد والتحكم في الكتابة ، والخط مظهر جمال ينمي الذوق ، ويساعد في تعليم التنسيق في الكتابة ، ويساعد على الموازنة، وسلامة الحكم ، والعدل في التقدير ، ويعود النظام .
  • الاهتمام بالأناشيد القومية والوطنية والمسابقات الشعرية والخطابية وذلك من خلال التركيز على الأنشطة اللغوية غير الصفية .
  • تعد الأنشطة المدرسية ومنها –اللغوية-مصدرآ مهمآ لدافعية الطالب إلى التعلم ،ذلك أن الإنسان يتعلم الشئ الذي يعمله ويمارسه بحب ،والتعلم يثبت عن طريق العمل ؛ولذا فإن الأنشطة التي يمارسها الطالب تسهم في زيادة الدافعية والرغبة في التعلم.
  • أيضاً من الرؤى المستقبلية لتطوير مناهج اللغة العربية استثمار جهود المجامع العلمية واللغوية في تحديد مفهومات المفردات والمصطلحات الأدبية واللغوية في الكتب المقررة .

وضع اختبارات غير تقليدية وغير معتمدة على الحفظ والاسترجاع، والاعتماد على  التعلم التعاوني الذي يؤكد على التماسك الجماعي ، وتكامل المواهب والملكات .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى