Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
آراءدولي

صقر :لا تسأل : كيف ولماذا ؟!!

بقلم : مهندس / محمود صقر :محمود صقر

البحث عن سبب يفسر ظواهر الأشياء التي تدور حولنا ، هو نشاط عقلي يلزمه استعداد وتدريب وتأهيل .

هذا النشاط العقلي كان بداية النقلة النوعية لمجتمعات تحولت من الجهالة والخرافة إلى العلم والريادة .
حدث هذا مع العرب حين نقلهم الإسلام عبر ما لا يُحصى من آيات القرآن التي تربط الأسباب بالمسببات ليرسخ في المجتمع الجديد أول مبادئ التفكير العلمي .
وهي ذات النقلة التي أحدثها علماء النهضة الأوربية ، لينقلوا أوربا من عصر الظلمات المؤمن بالخرافة إلى العلم التجريبي القائم على الملاحظة والبحث عن أسباب الظواهر .
هذا النشاط العقلي ، أو هذا النمط من التفكير العلمي لا يقتصر على الظواهر الكونية بل تمتد إلى الظواهر الإنسانية التي تشكل الظواهر الاجتماعية .
ويظل هذا النشاط العقلي على المستوى الإنساني هو المرحلة الفارقة بين الطفولة المبكرة التي تكتفي بالنظر إلى ظواهر الأشياء وبين بداية النشاط العقلي حيث يبدأ الطفل في طرح سؤال : لماذا ؟ ….
إذا انتقلنا من هذه المقدمة إلى النظر لواقع مجتمعاتنا ونظرتها إلى الظواهر الاجتماعية المُزلزِلة التي ترُجُّ مجتمعاتنا رجاً ، فسنجد تفكيراًطفولياً يقف عند ظواهر الأشياء ، ويبكي على آثارها ، دون أن يكلف نفسه عناء النشاط العقلي بطرح أسئلة عن أسباب تلك الظواهر أو المشكلات .
وبالتالي نحن أمام أمراض اجتماعية لم نبدأ بعد في تشخيصها ، فكيف نطمع في علاجها ؟!!
بل إنني أجزم أن هناك خططاً محكمة لتظل شعوبنا في مرحلة الطفولة المبكرة .
وهذه الخطة المحكمة لمحاصرة عقول الشعوب تعتمد على أساليب معروفة ومجربة وتقوم في الأساس على قواعد ثلاث : التأكيد –التكرار – العدوى .
التأكيد بإطلاق عبارات رنانة تخلو من أي برهان أو حتى تعريف لمفرداتها .
ثم يأتي دور التكرار الممنهج عبر وسائل الإعلام لتترسخ تلك العبارات في النفوس لدرجة لا تقبل البحث عن برهان أو دليل
وبعد التأكيد والتكرار يأتي دور الآلية الشعبية الجماهيرية الجبارة وهي ” العدوى ” ، لتنتقل تلك العبارات كالجَرَبْ من المرضي إلى الأصحاء . وقد كانت تلك العدوى تنتقل سابقاً فقط من خلال التجمعات الجماهيرية في الشوارع والمصانع والمقاهي …. ، ولكن أجهزة الاتصال الحديثة وخاصة ” التلفاز ” نقلت فلسفة التجمع الجماهيري إلى داخل منزلك ولو كنت وحدك .
هذه الجريمة في حق الشعوب لا تقوم بها فقط الذئاب العاوية في أجهزة الإعلام ولكن بإمكانك ملاحظتها في تصفح مقالات الرأي لمن يدعون أنهم أصحاب رأي وفكر وتنوير وثقافة ، وستجد نمط تفكيرهم في تناول ظواهر مجتمعنا تتماشى تماماً مع الطفولة العقلية المفروضة على شعوبنا – هذا إن أحسنا بهم الظن ولم نفرض أنهم أداة لتنفيذ الخطة
نعود ونؤكد أن الإنسان الذي يقف عند حدود الظواهر دون أن يمارس أي نشاط عقلي في البحث عن أسبابها يفقد أهم مقوماته كإنسان عاقل مفكر مسئول .
والشعوب التي تقع في ذاك الشَرَكْ ، هي شعوب ما زالت في مرحلة الطفولة المبكرة ، أي أنها لم تبلغ سن الرشد بعد ، وعليه فإن السلطة الحاكمة تتعامل معها تعامل الوَلِّي مع القاصر .
فإن كان الولي تقياً حفظ مال القاصر ، وأما إن كان الولي “يأكل مال النبي” فقل على أموال القاصر السلام .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى