الفليج: نحتاج للعمالة الهامشية


بقلم/عصام عبداللطيف الفليج
قبل ان يسدل النهار ضوءه، تدفق المئات من العمالة الآسيوية والشرق أوروبية والافريقية من كل حدب وصوب الى وسط الاسواق، في بعض المدن الأوربية، يعرض كل بضاعته من ألعاب وملابس وشنط.. وغيرها، دون اي معارضة من الشرطة او غيرهم. ما أردت الاشارة اليه، ان معظم البلدان الغنية والمتقدمة في كل العالم، تفتح ابوابها للعمالة البسيطة، لتغطي حاجة السوق والمجتمع، وأحيانا تتغاضى عن الدخول غير الرسمي لهم لتغطية النقص، ثم تقوم بين فترة وأخرى بالتشديد والتسفير كرسالة لتطبيق القانون، ثم تعود حليمة لعادتها القديمة.والعديد من البلاد العربية ليست بمنأى عنها، وتقوم بنفس الامر. ومما يلفت النظر كثرة الشكوى العشوائية والتقليدية من العمالة الزائدة في الكويت، ويطلقون عليها «عمالة هامشية»، ليتكرر البرنامج اليومي للتحلطم، دون اي تفكير علمي او نظرة شمولية لهذه العمالة وأهميتها. وتشمل العمالة الهامشية التي يسخر من كثرتها الناس: عمال النظافة في الشوارع والمدارس والوزارات.. وغيرها، وعمال البناء، وعمال المصانع والورش، والبائعين في الاسواق والمحلات والبقالات، والحلاقين والكوافيرات، والمطاعم والملاحم، وسواق الوزارات والشركات والأجرة والباصات وتوصيل الطلبات والشاحنات بأنواعها، وحراس المدارس والشاليهات والجواخير والمزارع، والفراشين والمندوبين، وفنيو الكهرباء والماء والصحي والهواتف، والصباغ والديكور والنجار والحداد، بالاضافة الى العمالة المنزلية بأنواعها (خادمة، طباخ، سائق، مربية، صبي).. وغيرها كثير جدا. وهذه العمالة تتأثر بالعرض والطلب، فبعد التشدد في الاقامات فترة ما، ارتفعت يومية المعلم الى 20 دينارا، والعامل من 15-12 دينارا – وهذا اذا توفر – مما أدى الى ارتفاع كلفة البناء بشكل عام، فضلا عن ندرة العمالة في جميع اختصاصاتها. هذا الكم من انواع العمالة الوافدة المساندة – وليست الهامشية – التي لا يمكن الاستغناء عنها البتة، اضافة الى العمالة المتخصصة كالتطبيب والتعليم والهندسة والمحاماة والمستشارين والمحاسبين والصحافيين والمصورين.. وغيرها، والعمالة المتوسطة كالسكرتارية والطباعين.. وغيرهم، كل هذه العمالة الوافدة من الطبيعي ان تكون ضعف المواطنين مرتين او ثلاثة، ومن الضروري توفير الحياة الكريمة لهم والخدمات العامة والانسانية، هم وأسرهم، مما يزداد معها عددهم تصاعديا. وبالمقابل لابد من تيسير حصولهم على اجازة القيادة، ليستطيعوا تقديم خدماتهم بالشكل الصحيح للجميع، ومن ثم.. لا نستغرب وجود الازدحام، الذي لا تخلو منه بلد في العالم كله. القضية ليست مزايدة او مناكفة، القضية تفكير هادئ وشمولي، ونظرة علوية لجميع مسطحات ومؤسسات المجتمع المدني. القضية ليست كماً بل كيف، فالمشكلة الكبرى هي ضعف تطبيق القوانين، التي شهد لها القاصي والداني، وأخذتها دول خليجية وطبقتها، والمشكلة أيضاً هي تفصيل القوانين على قياس نماذج محددة، بل شخصيات بعينها، وهذا هو الذي يؤدي الى تفاقم السلبيات بلا حدود. نحن بحاجة لاعادة دراسة الأسلوب الأمثل لتوفير العمالة الكافية، دون مخالفة القانون، لضمان استقرار الأسعار، وعدم استغلالهم بشكل غير أخلاقي. والله يحفظ الكويت. ٭٭٭ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «انَّها ستَأتي على الناسِ سُنونٌ خَدَّاعَةٌ، يُصَدَّقُ فيها الكاذِبُ ويُكَذَّبُ فيها الصادِقُ، ويؤتَمَنُ فيها الخائِنُ ويُخَوَّنُ فيها الأمينُ، ويَنطِقُ فيها الرُّوَيبِضَةُ».قيل: وما الرُّوَيبِضَةُ؟ قال: «السَّفِيهُ يتكَلَّمُ في أمرِ العامَّةِ».