منوعات

ظاهرة التسول في الشوارع.. أسباب وحلول

موجز حماك:تسول

من المؤكد أن رعاية الطفولة تحتل أهمية خاصة في الفكر الاجتماعي المعاصر فالطفل هو مستقبل كل الأمم، وأي جهد يوجه لرعايته وحمايته هو تأمين وتدعيم لمستقبل الأمة، كما أن الطفولة هي عطاء الأسرة، والأسرة هي صانعة الطفولة، ومن هنا جاءت استحالة الفصل عمليا بين رعاية الأسرة ورعاية الطفولة لتلازمهما الحتمي.

العلوم الحديثة أكدت أن الأسرة التي هي أقدم وأهم الجماعات وأشدها تأثيرًا في المجتمع الإنساني الكبير، بل إنها الأقوى في فاعلية تشكيل الطفل وتكوين المجتمع الإنساني الكبير وتحديد مسارات سلوكه وتنمية قيمه وعاداته.

ظاهرة أطفال الشوارع انتشرت عالميًا ومحليًا، وتحولت إلى أزمة تنذر بضياع مستقبل وحياة العديد من الأطفال الصغار المشردين، الذين قذف بهم قاع المجتمع إلى الشارع، وعلى الرغم من أن هناك افتقارا شديدا إلى الإحصاءات الدقيقة عن أعدادهم وفئاتهم العمرية، وأماكن تجمعاتهم لعدم إمكان تحديد وجودهم فإن هيئة الأمم المتحدة قدرت عددهم بنحو (40 مليون طفلا) يتمركز منهم (25 مليوناً) بأمريكا اللاتينية حيث البرازيل هي الأكثر تضخمًا بالمشكلة تليها المكسيك، وتحتل القارة الإفريقية المرتبة الثالثة بعد أمريكا اللاتينية وآسيا في انتشار هذه الظاهرة، وتفتقر الدول العربية بصفة خاصة إلى إحصاءات دقيقة لهذه الظاهرة.

أسباب..

 أطفال الشوارع هم أطفال يعيشون في ظروف صعبة، بالطرقات والميادين والمباني المهجورة والأراضي المهملة، غالبًا ما يكونون أطفالاً تم التخلي عنهم من قبل أسرهم أو أنهم هم الذين تركوا الأسرة برغبتهم، تتعدد أسباب لجوئهم إلى الشارع فمنها الأسباب الأسرية: كطلاق الوالدين أو وفاة أحدهما أو كلاهما، والتفسخ الأسري بأشكاله المختلفة هو عامل مهيئ للانحراف.

هناك أسباب مجتمعية وهي ما تعاني منه معظم الدول العربية: كالفقر، البطالة، التسرب من التعليم. ويعد الفقر أهم الأسباب لكنه لا يؤدي وحده إلى هذه الظاهرة أو إلى الانحراف بصفة عامة لكنه يتفاعل مع غيره من العوامل الأخرى في أحداث الانحراف.

حلول..

إن أطفال الشوارع خسارة اقتصادية خطيرة على المجتمعات التي تفقد عناصر بشرية يمكن أن تساهم في عملية البناء والتنمية بها فهم خسارة لأنفسهم ولمجتمعاتهم لأنهم قوى عاملة معطلة عن العمل والإنتاج.

 من الضروري أن تهتم المجتمعات بصفة عامة والمجتمعات العربية بصفة خاصة بعلاج تلك الظاهرة وعدم ترك الأمور للمصادفة، فهؤلاء الأطفال في حاجة إلى احتوائهم نفسيًا واجتماعيًا وثقافيًا واقتصاديًا، وعلى المجتمع أن يهتم بأسرهم وتلافي الأسباب المؤدية إلى هجر الأسرة، وذلك من خلال إنشاء ملاجئ، ومراكز إيواء من أجل ضم الأسر المشردة ولم شملها والعناية بها.

على الدول العربية الاهتمام باحتواء هذه الظاهرة عن طريق التوسع في إنشاء وحدات اجتماعية شاملة وعيادات نفسية بالمؤسسات المختلفة، هذا بالإضافة إلى الرعاية الاجتماعية والنفسية للطفل والأسرة. فضلا عن إنشاء وحدات خاصة لتقفي أثر هؤلاء الأطفال، والتعرف على أسباب لجوئهم إلى الشارع، وتشجيع الدراسات والبحوث الخاصة بهذه الظاهرة لتجنب أسبابها على المدى الطويل، بالإضافة إلى إقامة وحدات علاجية مجانية لهم حتى لا يقعوا صرعى مرض الإيدز أو الأمراض المعدية المختلفة كالجرب وأمراض العيون والروماتيزم وكل الأمراض الناتجة عن الإهمال أو عن الغذاء غير السليم.

دعت دراسة علمية إلى محاولة دمج هؤلاء الأطفال في أسرهم مرة أخرى عن طريق التحدث إلى الأسرة والتعرف على مشكلاتها ومساعدتها، وذلك من خلال تقوية دور الأخصائي الاجتماعي والمراكز الاجتماعية التابعة للدولة والتي من خلالها يتم جذب هؤلاء الأطفال من الشارع إلى المؤسسات المتخصصة، ومساعدتهم حتى يشعروا بالأمان الاجتماعي والأمن المفقود لديهم، يمكن لهذه المؤسسات أن تلعب دورًا مهما أيضًا في تعديل الأنماط السلوكية غير المرغوب فيها لهؤلاء الأطفال، بالإضافة إلى إكسابهم سلوكيات اجتماعية مقبولة بإشراكهم في ممارسة أنشطة وبرامج هادفة، والتعرف على هواياتهم وتنميتها، وقد تسهل المهمة على الباحثين إذا لجأوا للأبحاث والدراسات التي تقوم بها معاهد البحوث التربوية المختلفة وكليات التربية وعلم النفس وعلم الاجتماع التي تُحنط فوق أرفف مكتبات الجامعة أو في أرشيفها.

9bd95387f5e5aeb820fc63f1e54e7762426765dc9bc46eca4c50ded0c4c3f54b

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى