آراءمحلي

الرشيدي: «الاكتواري» شقيق «الإستراتيجي»

بقلم: ذعار الرشيدي:ذعار الرشيدي

لا أعرف خدعتين حكوميتين أكثر انتشارا وعمقا في تاريخ البلد من خدعتي البديل الاستراتيجي وشقيقه العجز الاكتواري، فقد تم استخدامهما بشكل مبالغ فيه عبر مسؤولين حكوميين رغم أن أحدا لا يتفق على تعريف موحد لأي منهما، الأول وأعني البديل الاستراتيجي تم استخدامه في البداية كمدخل للعدالة الوظيفية وروجت له الحكومة عبر «مصادر مطلعة» للصحف أن هذا البديل سيرفع رواتب الموظفين المطحونين ويحقق المساواة بين رواتب جميع موظفي الدولة من الوزير الى كاشير الجمعية. طبعا منذ عامين والحكومة تروج للبديل الاستراتيجي رغم أن أحدا حتى اليوم لا يتفق على تعريف محدد له، وكل يقدم تعريفه الخاص به، ولكن حقيقة لا احد يعرف ما هو بالضبط، وكل ما فهمناه من الحكومة أخيرا ان هذا البديل الاستراتيجي يقوم على دراسة 24 ألف مسمى وظيفي في الجهات الحكومية وسيقوم البديل الاستراتيجي بتوحيد الرواتب بين المسميات الوظيفية في جميع تلك الجهات بناء على تحديد الفوارق بينها في تلك الدراسة التي وكما فهمت لم تنته بعد. إذن البديل الاستراتيجي ليس سوى دراسة للمقارنة بين رواتب مختلف الوظائف بالدولة، أما كيف ومتى وما آلية تنفيذه فلا أحد يعلم، لان كل ما فهمناه وكل ما خرج بشكل رسمي من الحكومة ان البديل الاستراتيجي ليس سوى دارسة لم تكتمل بعد.

الأمر الأجمل في الموضوع ان الحكومة تقدم البديل الاستراتيجي، اعني البديل الذي لم تنته من دراسته بعد، كجزء محوري من وثيقة الإصلاح الاقتصادي، والسؤال هنا كيف تقوم الحكومة على تقديم وثيقتها للإصلاح الاقتصادي وجزء مهم منها وهو البديل الاستراتيجي لايزال دراسة في طور الإعداد، أليس من المفروض ان تنتهي من تلك الدراسة ومن ثم تقدم رؤيتها وبعد ذلك تضمنه لوثيقتها الإصلاحية.

ولكن ووفق ما يحدث، ومن واقع رؤية منطقية، فبما ان الحكومة أعلنت ان البديل الاستراتيجي سيكون جزءا رئيسيا من وثيقة الإصلاح الاقتصادي التي تقدمت بها الى مجلس الأمة، فإن ذلك يعني ان وثيقة الإصلاح الاقتصادي هي الأخرى مجرد ترويج حكومي آخر لشيء لن يحدث أبدا، لأنها تضمنت البديل الاستراتيجي الذي روجت له الحكومة على مدار عامين وحتى يومنا هذا لا يعرف حقيقته احد ولا يتفق على تعريفه احد، لذا فتلك الوثيقة لن تمر ولم يتم تنفيذها ولن ترى النور لا عبر مجلس الأمة هذا ولا الذي سيليه، وستظل مجرد رؤية اقتصادية حالمة غير قابلة للتطبيق على ارض الواقع لا اليوم ولا غدا ولا عام 2035.

وسيتم تفكيك وثيقة الإصلاح الاقتصادي لاحقا إلى مشاريع بقوانين، لان الهدف من إعلان الوثيقة وطرحها على الجمهور ليس تمريرها ولا بحثها ولا حتى تطبيقها، بل الهدف تمرير فقرات محددة منها ليستوعبها الشعب ومنها على سبيل المثال الخصخصة، وان يستمر الجدل حولها ليصبح الحديث عن الخصخصة بشكل عام أمرا واقعا وحديثا مشاعا، ذلك حتى عندما يخرج قانون أو مشروع قانون بخصخصة شركة رابحة أو منشأة حيوية يكون الأمر مقبولا، أو على الأقل تم التمهيد له عبر الوثيقة.

توضيح الواضح: وثيقة الإصلاح الاقتصادي، جيدة كمشروع، بشكلها الذي تم طرحه في خطوطها العامة، ولكن كخطة دولة لا تصلح أبدا لسبب بسيط جدا، لان أي خطة إصلاح من أي نوع لا توضح كيفية تنفيذ ما ورد بها، ولا تشمل طرحا حقيقيا لإيجاد بديل للنفط ،فهي مجرد حديث اقتصادي حالم جميل لا اكثر ولا اقل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى