فوزية الدريهم وإرشاد الأسر في دعم ذوي الاحتياجات الخاصة
خاص حماك
الإرشاد الأسري ودوره في دعم ذوي الاحتياجات الخاصة ، عنوان الورقة العلمية التي تقدمت بها الباحثة فوزية صالح الدريهم المدير التنفيذي لمجموعة إسعاد التطوعية بالمملكة العربية السعودية وأحد منتسبي مركز لندن للبحوث ، وشاركت بها في الملتقى الثاني لذوي الاحتياجات الخاصة في مصر والوطن العربي الذي أقامته الأكاديمية الدولية للتنمية المستدامة IASD تحت شعار إرادة وطاقة لا إعاقة – المحور الخامس من 26 إلى 29 سبتمبر شرم الشيخ – مصر
أهداف الورقة العلمية
فوزية الدريهم : تهدف هذه الورقة العلمية إلى التعرف على كيفية التعامل مع الطفل ذي الاحتياجات الخاصة في المنزل والمجتمع وكيف يتصرف ولي أمره ، وماهي المشاعر التي تنتاب آباء الأطفال ذوي الاحتياجات وكيف تستطيع الأسرة التخلص من التوتر الذي تشعر به ، وهل يمكن للحياة الزوجية الصمود في وجه الضغوط الناتجة عن التعامل مع تلك المشكلات الصحية .
إن من طبيعة البشر عموما حاجتهم للإرشاد والتوجيه في شؤونهم العامة والخاصة، وفي القلب منهم ذوي الاحتياجات الخاصة، هذا وقد جعل جل وعلا العالم بشؤون خلقه، سنة في الكون فما من مرحلة من الزمن إلا وفيها رسول، أو نبي أو مصلح، وهي خطوة طبيعية في التربية فما من إنسان إلا ويتعرض للضغوط النفسية والعملية والاجتماعية، فما أحوج الإنسان لمن يرشده ويوجهه للأفضل والأصلح من التصرف والعمل .
وللإرشاد أنواع عديدة ، فمنها الأسري: وهو مساعدة جميع أفراد الأسرة فرادى أو جماعات لفهم متطلبات الحياة العائلية وما يتصل بها من حقوق وواجبات متبادلة . والأسرة في المفهوم الإرشادي تشمل جميع الأقارب من الأجداد والأعمام والأخوال وللإرشاد الأسري دور ريادي في دعم ذوي الاحتياجات الخاصة .
وذوي الاحتياجات الخاصة : هم الأشخاص الذين يحتاجون إلى معاملةٍ خاصةٍ لمنحهم القدرة على استيعاب ما يدور حولهم؛ بسبب إصابتهم بنوعٍ من الإعاقات التي تعيق قدرتهم على التأقلم مع الأمور كما الأصحاء، ولا يستطيع هؤلاء الأشخاص التعلّم في المدارس العادية، وإنما يحتاجون إلى أدواتٍ وسبل خاصةٍ تتناسب مع قدراتهم . ويعاني أصحاب الاحتياجات الخاصة من الإعاقات السمعية أو البصرية، وتأخر النمو العقلي الذي قد يسبب بطء التعلّم، والاضطرابات السلوكية، والإعاقات النفسيّة، والاضطرابات اللغويّة وغيرها من الإصابات، فالمعاقون يُدرجون كفئةٍ من فئات ذوي الاحتياجات الخاصة.
الدريهم : تعد الأسرة أول المؤسسات الاجتماعية التي تستقبل الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وتوفر له الرعاية الأسرية المطلوبة ، وفي ظل ذلك تواجه تلك الأسر بعض المشكلات أثناء محاولتها للتكيف والتعايش مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ، وفي ذلك الوقت تكون أكثر عرضة للضغوط والتوترات ، فبعض الأسر يصيبها شعور عميق بالخجل والذنب لإنجابهم طفل معاق ويكاد الأمر في بعض الأحيان يصل بهم إلي إخفائه عن الناس بأي وسيلة ومحاولة إنكار وجوده وهذا ما يطلق عليه مصطلح ( الخجل الاجتماعي ) .
ويشير مفهوم (إرشاد ذوي الاحتياجات الخاصة) إلى مجموعة البرامج التربوية التي تقدم لمجموعه من الأفراد غير العاديين للمساعدة في تنمية قدراتهم إلى أقصى الحدود الممكنة في تحقيق ذاتهم والمساعدة على التكيف.
معوقات الإرشاد الأسري لذوي الاحتياجات الخاصة
وأوضحت الباحثة أن من أهم معوقات الإرشاد الأسري لذوي الاحتياجات الخاصة :-
أولاً :- معوقات تتعلق بالأسرة:-
- عدم تعاون الأسر مع ذوي الاحتياجات الخاصة في تنفيذ التربية الصحيحة لأطفالهم.
- عدم التعاون بين المعهد الملتحق به الطفل مع الأسرة من ذوي الاحتياجات الخاصة.
- وضع توقعات وأهداف تعوق قدرات الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل يعوق عمل المرشد.
- تأخر الوعي باكتشاف إعاقة الطفل.
- قلة المعلومات لدى الأسرة عن الخدمات المطلوبة منهم تجاه الطفل من زوي الاحتياجات الخاصة.
ثانياً :- معوقات تتعلق بالمرشد الأسري :-
- عدم توافر العدد الكافي من المرشدين المؤهلين.
- الاتجاهات السلبية والمفاهيم نحو المعوقين.
- عدم توافر التسهيلات المادية للمرشد الأسري.
ثالثاً : – معوقات ذات علاقة بالمجتمع:-
- قلة عدد الاختصاصيين في مجال الإرشاد الأسري.
- قلة عدد المراكز التي تقدم خدمه تأهيليه ملائمة.
- تركيز جميع الخدمات المقدمة للأسر في العاصمة فقط ما يؤدي إلى صعوبة تنقل الأسر فيصعب الاستفادة منها.
- عدم توافر المعلومات المركزية للخدمات المقدمة.
- عدم تقديم خدمات بطريقه متكاملة من المؤسسات المسؤولة .
أسباب الإعاقة
وقالت أنت للإعاقة سببين وراثية وبيئية :-
أولاً : أسباب وراثية
هي التي تنتقل من جيل إلي آخر عن طريق الجينات مثل التخلف العقلي والنقص الوراثي في إفراز الغدة النخامية ومن أهم أسبابه زواج الأقارب .
ثانياً : أسباب بيئية
وهي التي تلعب دورها من الحمل حتي الولادة وهي مؤشرات ما قبل الولادة وأثنائها وبعدها ، وعددت مجموعة من الأسباب المرتبطة بمرحلة ما قبل الولادة كإصابة الأم أو تعرضها للأمراض الخطيرة مثل الحصبة الألمانية واضطرابات القلب والكلي والغدد والربو الشديد ، أواستخدام بعض الأدوية الضارة بالجنين دون استشارة الطبيب، تعرض الأم للأشعة وتعرضها لعوامل ضارة مثل التدخين، الكحول والمخدرات .
وحول كيفية التعامل مع والدي ذوي الاحتياجات الخاصة قالت الباحثة الاجتماعية :
إن وجود مثل هذا الطفل في الأسرة يتطلب تعاملاً خاصاً يتناسب مع حالته، يفضل التعامل مع الوالدين في مثل هذه الحالات بنوع من الشفافية الصادقة والممزوجة بالابتسامة الصادقة الخارجة من القلب ، فما خرج من القلب وقر في القلب حتي يمكن القضاء علي ردود الفعل.
وعلى الاختصاصيين هنا دور مهم في ضرورة دعم الوالدين وإرشادهم وتشجيعهم علي تقبل الإعاقة والرضا بقضاء الله وقدره ، ولا ينصح بمواجهة الوالدين بالحقائق بشكل مباشر بل إتاحة الفرصة لهما ليقارنا أداء طفلهم بأداء الأطفال الآخرين من نفس عمره، وهذا يساعدهم علي تقييم الوضع بموضوعية حتي لا يحرم الطفل من الحصول علي الخدمات الطبية اللازمة له.
لابد من تقديم المساعدة العملية للوالدين والتعبير عن عاطفتك معهم وقدر شعورهما بالألم وخيبة الأمل وادعهم للانخراط بالمجتمع والتكيف مع الإعاقة، الخجل والخوف، كن بجانب الوالدين اللذين يعبرون عن خجلهم وخوفهم وزودهم بالمعلومات الحقيقية عن الإعاقة وقد تكون مجموعات الآباء ذات فائدة كبيرة.
- يجب مساعدة الوالدين على التعايش مع الإعاقة ، فالتعايش عملية صعبة ولكنها غير مستحيلة .
تشجيع الوالدين على حضور الندوات والبرامج والأنشطة المتعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة وتقبل انفعالاتهما دون أن تطلق الأحكام عليهما، الغضب والشعور بالذنب .
- تقبل تعبير الوالدين عن الغضب وتوجيه غضبهما بطريقة صحيحة ودعمهما يعبران عما في داخلهما
- تفهم شعورهما بالإحباط، التمني والآمال غير الواقعية أن الوالدين في هذه الرحلة بحاجة إلى الحماية والدعم ولكن دون تشجيعهما على تبين الآمال الكاذبة والتوقعات غير المنطقية.
وتابعت الدريهم توضح كيفية التعامل مع الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة فأوجزته في النقاط التالية :-
تقبل الطفل محاولاً التعرف على أفضل الطرق لتعليمه ، حيث انه لن يتعلم بالقوة ولا تتوقع منه أن يتعلم كل شيء باستخدام نفس الطرق التي يتعلم بها الأطفال الآخرون .
إن كون الطفل من ذوي الاحتياج الخاص لا يعني أبدا عدم محاولة تغيير سلوكه أو عدم توضيح قواعد السلوك المناسب ، كافئ الطفل علي التحسن الذي يطرأ علي أدائه حتي لو بدا التحسن بسيطا فتعزيز التحسن يقود إلي المزيد منه .
أعط الطفل فرصا كافية لتأدية السلوك المطلوب ولا تفعل له ما يستطيع القيام به بمفرده نعرف أن ذلك قد يستغرق وقتا طويلا ولكنه في مصلحة الطفل علي المدي الطويل ، فتحلى بالصبر..
لا تنظر إلي الطفل من زاوية إعاقته فقط انظر إلي الصفات المقبولة في أدائه ووفر الفرص لتطويرها .
تبني المواقف الواقعية من الطفل.. فاذا كانت توقعاتك متدنية جدا وإذا كانت توقعاتك تفوق بكثير قدراته الحقيقية فالنتيجة هي الإحباط وفقدان الدافعية في الحالة الأولي والفشل والشعور بالعجز في الحالة الثانية.
يجب التأكيد على أهمية عدم إعطاء العمر الزمني للطفل اهتمامك كله بل ينبغي التعامل معه على ضوء عمره العقلي والاجتماعي معا.
كيفية تعامل الوالدين مع أبنائهم ذوي الاحتياجات الخاصة :-
1. يجب أن تقوم بمدح نجاح طفلك والأعمال التي يفعلها حتى ولو كانت صغيرة .
2. تحدث مع طفلك بوضوح وبطريقه عادية ، لا تعامله كطفل صغير ، ولا تصرخ على الطفل المصاب بإعاقة في السمع .
3. استخدام أكثر من طريقة في التحدث مع طفلك عن أشياء حوله أجعله يلمس ويتذوق ويشم الأشياء فذلك مهم جدا خاصة مع الأطفال الذي لديهم مشكلات حسية .
4. التزم بما تقول وما تفعل بشكل ثابت لكي لا يؤدي إلى إرباك الطفل في معرفة الصواب والخطأ .
5. التزام الأسرة نحو تطبيق سياسة موحدة في معاملة الطفل .
6. لا تفرط في تدليل الطفل ولا تبخل عليه بالثناء في حاله نجاحه .
7. شجع طفلك في استخدام المهارات السمعية والأجهزة التعويضية والبصرية بأسلوب محبب
8. تجريب أساليب أخرى مع طفلك عندما لا تنجح طريقة معينه لمساعدته باستخدام أساليب التعزيز الإيجابي .
9. وفر له خبرات متنوعة عن طريق اللعب .
10.تعامل وتخاطب مع طفلك باحترام وتقدير و بدون استهزاء .
11.عود الطفل على تحمل المسئولية التي في إمكانياته .
12.أعطي الفرصة لطفلك لاختيار احتياجاته الخاصة فذلك يعطيه الثقة في نفسه واتخاذ القرار
دور المجتمع نحو ذوي الاحتياجات الخاصة:-
لعل من المهم أن نقول أن والدي الطفل ذي الاحتياج الخاص أيضا لهما حق في المساندة والمساعدة المادية والمعنوية ، حتى يستطيع أن يتغلب علي إعاقته أو يتعايش معها ويصبح شخصية سوية منتجة نافعة لنفسه ومجتمعه رغم إصابته.
ولابد من قبول المجتمع للطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة بكل مؤسساته وهيئاته ابتداء من الأسرة، والوقوف إلى جانب هذا الطفل مهما كان نوع إعاقته دون تعال أو شفقة زائفة عليه، وهي الخطوة الأولى في المساعدة والمساندة الحقيقية لهذا الطفل ولابد أن نعمل معا وبأياد متكاتفة نحو تحقيق الهدف الأسمى وهو النظر إلي هؤلاء نظرة عالية جدا ودون خجل ولا نفرق بينهم وبين الأفراد الآخرين من الأسوياء ونسعي معا لتحقيق مبدأ الدمج بكل أشكاله وأنواعه تحقيقا لمبدأ المساواة التي حددها الله سبحانه وتعالى .
ولابد من التدخل المبكر باستخدام نظام الخدمات التربوية والعلاجية ، يصمم خصيصاً للأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة للذين لديهم حاجات خاصة غير عادية بمعني انهم يكونون معوقين أو متأخرين نمائيا أو معرضين لخطر الإعاقة أو التأخر من خلال تحديد الأطفال الذين يحتاجون إلي التدخل المبكر .
خلاصة الورقة
وفي ختام الورقة العلمية دعت الباحثة فوزية الدريهم إلى تغيير بعض وجهات النظر السوداوية في المجتمع بشأن هذه الفئة الاجتماعية المهمة ، فتأتي مبادئ الإسلام السامية لترد عليهم بتكريمهم ورفعة شأنهم ، والدعوة للمساواة بينهم وبين غيرهم ، كما دعت إلى العناية بهم ودمجهم في المجتمع والتخفيف عنهم وعدم نبذهم ، بل أنزل الله – تعالى بحقهم قراناً يتلى . فبعضنا يعتقد خطئاً أنهم مرضى يحتاجون إلينا نحن الأسوياء ، لكنهم لا يدركون أن الجميع يحتاج إلى الجميع وهو ما جبلت عليه الحياة ، وكثير من الأحاديث النبوية التي تحثنا على رعايتهم لتجعل المجتمع برمته في أشد الحاجة للفئة الضعيفة مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم : “هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلا بِضُعَفَائِكُمْ” ، فالضعفاء – على هذا النحو – هم أحد أسباب استمرار الوجود المادي للمجتمع وسر قوته ومنعته وعزته في التصور الإسلامي، وبالتالي تصبح رعاية ومعاملة هذه الفئة – كسائر الضعفاء – قاعدة شرعية وغاية اجتماعية يجند المجتمع برمته لتحقيقها ، فترتفع معنويات ذوي الاحتياجات الخاصة، ويشعرون بمكانتهم المميزة في مجتمعاتهم فيزداد إنتاجهم ويزخر عطائهم.
إن ملايين الأطفال في مجتمعاتنا في حاجة ماسة إلى تدخل مبكر.. خاصة أن عدداً كبيراً من صغارهم معوقون أو متأخرون نهائياً أو في وضع خطر، وثمة سؤال يطرح نفسه في ختام ورقتي مفاده :- ألا يمكن الحد من نسبة انتشار الإعاقة في مجتمعنا ؟ ، والجواب نعم بكل تأكيد ولكن هذا لا يتحقق بالتمني، وإنما ببذل جهود مكثفة ومتواصلة علي مختلف الصعد الرسمية والاجتماعية والفردية ، لاسيما على صعيد الرعاية الطبية والغذائية والنفسية للأمهات الحوامل والأطفال اليافعين ، ولابد من التأكيد علي أن الوقاية ليست مسؤولية الأطباء فقط فالأسرة والمدرسة والمجتمع ومؤسساته المختلفة كل له دور يؤديه لتكتمل الصورة وينخرط أصحاب هذه الفئة في المجتمع يؤدون دورهم نحو رفعته حالهم حال الأصحاء منهم .